للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفوق في السلاح وهذا ما جاهد هنتنجتون في اخفائه، بزغم المواجهة بين الحضارة اليهوديه المسيحيه والحلف الإسلامي الكونفوشيوسي (١).

إن الحوار الذي نريده بين الحضارات، حوار يحول دون استمرار الحضارات في النظر إلى بعضها البعض من خلال مرآة مكسورة ... حوار يقوم على الإيمان بوحدة الأصل البشري وعلى مبدأ التعارف والتسامح الثقافي في مواجهة العنصرية ونفي الآخرين ... حوار يؤكد المشترك الإيجابي بين الحضارات، ويقر بأنه لا وجود "لحضارات زائفة" ويزيل ويمحو ذهنية المحاصر في عقل بعض الحضارات. والحوار لا بد أن ينطلق من استعداد كل حضارة لفهم الأخرى، وتجنب إصدار أحكام مسبقة عليها، والاتفاق على إعادة صياغة صورة الآخر في إطار من التسامح، والرغبة المشتركة في بلورة قيم إنسانية، لإحداث التفاعل الحضاري، وقد تساعد في ذلك معطيات المجتمع العالمي الجديد القائم على إنتاج المعلومات وتداولها بشكل سريع وميسور وواسع يتجاوز الحدود الجغرافية للحضارات وللثقافات (٢).

ففي غياب الحوار المطلوب بين مكونات المجتمع الدولي الواحد يخشى أن تتوزع شعوب المعمورة إلى فئتين: فئة تمارس عبادة الذات، وأخرى تمتهن حرفة (نفي الآخر) ... والمفارق أن هذه القطيعة المترتبة على غياب الحوار تأتي في وقت تتناسل فيه التشريعات النبيلة الداعية إلى مزيد من الإنصاف والعدل والتسامح، وفي وقت تتزايد فيه أعداد دعاة الرفق بالإنسان والحيوان، وتتأكد الحاجة إلى الحوار في عالم يدفع خمسة ملايين من أبنائه قربانا لآلهة الحرب كل عقد من الزمن ويعيش أكثر من خمسه الفقر والمعاناة، ويعاني في مجموعه من (شيء من الخوف والجوع ونقص في الأموال والأنفس والثمرات)، عالم سكانه مهووسون بصناعة الأنماط المقولبة في حق الغير، ومسكونون بالتنابز بالألقاب، تسوده الديمقراطية وتتأصل منه الدكتاتورية، يمجد التعددية على المستوى القطري ويكفر بها على المستوى العالمي ... تدعو تعاليمه ومواثيقه إلى المساواة والعدل والإنصاف والتسامح، بينما


(١) أمريكيا طليعة الإنحطاط- روجيه جارودى- ص ٣٠
(٢) حوار الحضارات .. لماذا؟ بقلم يوسف الحسن- جريدة الخليخ

<<  <  ج: ص:  >  >>