للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشكو سكانه الغبن والقهر والاغتراب والاستلاب والقلق والغثيان وكل مفردات الفلسفة الوجودية (١).

فالهدف الرئيسي من حوار الحضارات هو مساعدة الاخرين ليس فقط عبر متخصصين أو بعض الفلاسفة ولكن بالجموع الشعبية العريضة- من هنا فان المشكلات العالمية المطروحة اليوم وان كان أهمها قد ولد بسبب هيمنة خاصه وطويلة للغرب لا يمكن حلها إلا عن طريق حوار مع الحضارات غير الغربية، من اجل تخيل وتصور وتعايش علاقات جديده بين الإنسان والطبيعة، وبين الإنسان والإنسان، وبين الانسان والمقدس. هكذا فقط يمكن أن نفتح أفق ثقافه كوكبيه مرسخه عبر اتحاد حقيقي للانسانيه لا عن طريق تركيبة تلفيقية ولكن مبنية على مفهوم مغاير لفكر الهيمنة بحيث تكون تركيبة سيمفونيه تعزفها الثقافات المختلفة. والطريق مفتوح أمام الشعوب التي خضعت كليا للغرب لكي تنجو من تنميه فرضها الاستعمار وكانت تنميه اجنبيه غريبة عن الثقافة الاصليه لتلك الشعوب. ولا يعني ذلك أبدا أن ننكر مساهمة الغرب بل يعني أن نعطي الغرب مكانة كاملة وليس اكثر من مكانه وخاصة في تنسيق قوى العلم والتكنولوجيا مع اهداف انسانيه حقيقيه. وبهذه الطريقة وحدها يمكن استكمال الملحمة الانسانيه على ظهر هذا الكوكب. ولقد كتب رائد فضاء حط قدميه على سطح القمر، عند عودته. "بدت الأرض من هنا رائعة الجمال مضيئة وبدت موحدة يسودها السلام وكانت هذه أول مرة ترمق فيها عين بشريه الأرض بنظرة شاملة وفي فضاء لا يحده الأفق. فهل سنصل إلى إدراك هذه الصورة ونتمسك بها في المستقبل؟ " (٢).

بالطبع يمكن تحقيق هذه الصوره من خلال حوار جاد بين الحضارات والثقافات يقوده مثقفين منفتحيين يؤمنون بذلك الحوار، حيث ستكون المهمة الأولى للمثقفين هي كشف الاكاذيب التي تسود المراجع المدرسية ووسائل الإعلام وهما اللذان يخدمان الغرب للإبقاء على هيمنته بأيديولوجيات مغالطة عن حداثته، وليس ثمة افتراض واحد عن تلك الحداثة المزعومة لا يعد افتراء وكذبا (٣). فبنسيانهم لما


(١) حوار الحضارات والثقافات: رؤية في حوار الحضارات وصراع الأمم- بقلم الحسين ولد مدو.
(٢) أمريكيا طليعة الإنحطاط- روجيه جارودى-ص١٤٤ - ١٤٥
(٣) أمريكيا طليعة الإنحطاط- روجيه جارودى - ١٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>