عصر اليونان، إلى أصحاب المدرسة الكلاسيكية والرومانسية في العصر الحديث، وإهمال ذكر أدباء المسلمين وإبداعاتهم وأثرهم في كثير من الأدباء والشعراء الغربيين. وعصور الغرب هي كل العصور ولا عصور غيرها، فهي مقياس التقدم والانحطاط. فالعصر الوسيط هو عصر انحطاط وتخلف لأن الغرب كان كذلك، متناسين أن هذا القول ينطبق على الحضارة الغربية وحدها، أما الحضارة الإسلامية فقد كانت في أوج مجدها وازدهارها في العصور الوسطى.
وهكذا نصب الغرب نفسه معلماً أبدياً للبشرية وأسدى ستاراً من الصمت والتعتيم والتشويه حول إنجازات الحضارة الإسلامية في كافة المجالات، حتى يبقيها في حالة تبعية فكرية له لأطول فترة ممكنة، وذلك بجعل النموذج الحضاري الغربي هو النموذج الوحيد للتقدم الحضاري في كل العصور، ولا نموذج سواه، ولذلك يجب الإقتداء به وتقليده لمن يريد التقدم والازدهار. وقد سارت عملية الإعلاء من قيمة الحضارة الغربية والفكر الغربي جنباً إلى جنب مع حملات التشويه والتخريب للتاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية والدين الإسلامي. فتسربت كثير من الأفكار الخاطئة عن الحضارة الإسلامية والتاريخ الإسلامي والدين الإسلامي إلى البلاد الإسلامية من خلال ما فرضه الغرب على هذه البلاد من أنماط معينة للتفكير والثقافة بواسطة مؤسساته التعليمية وغيرها من المؤسسات الأخرى.
ومما تقدم يتضح ان الغزو الفكري كان من أشد معاول الهدم خطورة على العالم الإسلامي، والتي كرست تبعيته الفكرية للعالم الغربي لفترة طويلة، وساعدت الدول الاستعمارية في تحقيق أهدافها. وتكمن خطورة الغزو الفكري في أنه من الأمور غير المنظورة التي لا يمكن تتبعها وعلاجها بسرعة بالإضافة إلى اختلاف الآراء حولها. بعكس الغزو العسكري الذي يشعر به كل فرد، فتسهل مقاومته والقضاء عليه متى توفرت الإمكانيات لذلك.
وإذا أردنا أن نتحدث عن الغزو الفكري للعالم الإسلامي، فيجب علينا أن نبحث عن الجذور التاريخية له والتي ساهمت إلى حد كبير في استمراره، وفي مساعدة الدول الاستعمارية في فرض سيطرتها السياسية والعسكرية والفكرية على العالم الإسلامي لفترة كبيرة من الزمن ولا زالت. فإذا كانت الدول الإسلامية قد تحررت من قيود الاستعمار الغربى من الناحية العسكرية وحصلت على استقلالها السياسي، إلا