للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحتاج إلى كثير من الإيضاح والتركيز. فالإسلام هو خاتم الرسالات السماوية التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى شريعة ومنهاجاً أبدياً للبشرية في دنياها وآخرتها. فكان هذا الدين منذ أوائل عهده ثورة في وجه الظلم والاستغلال والانحراف. ودعوة إلى العدل والإخاء والمساواة بين البشر، فكان حرباً على المستغلين والمنحرفين واقفاً في صف الضعفاء، والمقهورين، وهذا لا يرضي المستعمرين والمستغلين لأنهم لن يستطيعوا تحقيق أهدافهم. لهذا وجد هؤلاء أن الطريق الصحيح للسيطرة على العالم الإسلامي هو محاربة هذا الدين وتشويهه، محاربة الفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية بكل جوانبها، وفرض الثقافة والفكر الغربي على البلاد الإسلامية بكافة الطرق، واعتبار الحضارة الغربية وقيمها مقياس كل نهوض وتقدم ونشر ذلك بين المسلمين حتى يقل اعتزازهم بدينهم وفكرهم وحضارتهم ويزداد إعجابهم وميلهم للحضارة الغربية.

لهذا فقد عمد الغرب إلى رد كل إبداع حضاري لدى الشعوب الإسلامية إلى الأصول اليونانية والرومانية، وكأنه لم يوجد فكر في العصور القديمة إلا الفكر اليوناني والروماني، متناسين أثر الحضارات الشرقية القديمة على الحضارة اليونانية والرومانية، ومبرزين لأثر الحضارة اليونانية على الحضارة الإسلامية. فالمسلمون في نظرهم لم يكونوا إلا نقلة وشراحاً للفكر اليوناني ولم يضيفوا شيئاً جديداً يستحق الذكر للحضارة الإنسانية. فإسهام المسلمين عندهم الذي يستحق الذكر في مجال الحضارة الإنسانية هو أنهم قاموا بحفظ التراث اليوناني من الضياع عن طريق ترجمته وشرحه وتهذيبه ولا شيء غير ذلك. فهم خزنة ماهرين ولكنهم ليسوا مبدعين. فالإبداع والنظر العقلي سمة للعقلية الغربية، والتقليد والإمعان في الروحانية سمة للعقلية الشرقية. فتاريخ الفلسفة عندهم هو تاريخ الفلسفة الغربية مع إهمال ذكر إسهامات الفلاسفة المسلمين وأثرهم على الفلاسفة الغربيين، أمثال الغزالى والفارابي وابن سينا وابن رشد وغيرهم.

وتاريخ العلم هو تاريخ العلم الغربي، مع التقليل من قيمة إسهامات العلماء المسلمين في تطور العلوم وتقدمها. ونسبتهم كثير كشوفات العلماء والمسلمين ونظرياتهم إلى علماء غربيين، أو عدم ذكر أثرهم في توصل العلماء الغربيين إلى ما وصلوا إليه من كشوفات. وتاريخ الأدب هو تاريخ الأدب الغربي من هوميروس في

<<  <  ج: ص:  >  >>