للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثة (١)، فهذا أوجست كونت مؤسس الفلسفة الوظعية أدرك قدرة الإسلام في التعامل واحتواء جميع العقول والفلسفات والأفكار الإنسانية .. وعبّر عن ذلك بقوله: " إن عبقرية الإسلام وقدرته الروحية لا يتناقضان البتة مع العقل كما هو الحال في الأديان الأخرى؛ بل ولا يتناقضان مع الفلسفة الوضعية نفسها؛ لأن الإسلام يتمشى أساساً مع واقع الإنسان، كل إنسان، بما له من عقيدة مبسطة، ومن شعائر عملية مفيدة! (٢). أما شبرل" عميد كلية الحقوق بجامعة "فيينا"، فيقول في مؤتمر الحقوق سنة ١٩٢٧: " إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد (صلى الله عليه وسلم) إليها، إذ رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً؛ أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد ما نكون؛ لو وصلنا إلى قمته بعد ألفي سنة (٣) ".

والحضارة الإسلامية الآن غير عاجزة عن التكيف مع العصر، وتملك خبرات وقيماً رفيعة من التسامح والقدرة على التفاعل والتعايش مع الآخرين. فقد منعت الحضارة العربية الإسلامية - بالقول والفعل - إهدار كرامة الإنسان والسيطرة عليه. وأكدت -مثلما أكدت حضارات أخرى- أن كرامة الإنسان اسبق من كل انتماء وهوية حضارية، وحصانة أولية للإنسان ثابتة له بوصفه إنسانا كرمه خالقه وجعله خليفة له في أرضه. فالاختلاف والخلاف بين الحضارات لا ينبغي لهما أن يهدر حق الشعوب، أن في التعامل أو في الوجود (٤).

وبالرغم من ان الحضارة المسيطرة الآن هى الحضارة المسيحية، الا ان العالم والمؤلف البارز، الدكتور (رالف بريبانت)، يعتقد: "ان الإسلام يشهد حالياً، تزايد الاقرار به، والموافقة عليه، على النطاق العالمى، في حين ان المسيحية تبدو في حالة تراجع ببعض النواحى. فنظام القيم الإسلامى يبدو اكثر تحفظاً بنقائه الاصلى، واسلم من المعتقدات المسيحية التى تتراجع باطراد، إلى عالم الاسطوره أو التعصب .. اما الإسلام، فانه، من ناحية اخرى في مرحلة نمو دينامية، مفعمه بالحماسة والنشاط".


(١) نظرات إسلامية للإنسان والمجتمع من خلال القرن الرابع عشر الهجري.- - رشدي فكار- ص ٣١ - القاهرة: مكتبة وهبة، ١٩٨٠.
(٢) نظرات إسلامية للإنسان والمجتمع من خلال القرن الرابع عشر الهجري.- - رشدي فكار- ص ٣١ - القاهرة: مكتبة وهبة، ١٩٨٠.
(٣) معالم الحضارة في الإسلام- عبد الله ناصح علوان- ص ١٥٥.
(٤) حوار الحضارات .. لماذا؟ بقلم يوسف الحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>