المأزق الذى تواجهه امتنا والذى استنزف ثرواتها وخيرة ابنائها وهى في امس الحاجة لاستثمارها من اجل النهوض واللحاق بركب الحضارة وممارسة دورها الرائد في الحضارة الانسانية. من اجل ذلك فاننا نرى ان وضع حل نهائي لهذا الصراع اصبح ضرورة قومية ودينية وحضارية تفرضها الاوضاع الدولية والمصلحة العامة للامه.
وبالرغم من كبر حجم الكتاب فاننى كنت انوى اضافة جزء اخر له بعنوان "فلسطين ودورها الحضاري" يوضح طبيعة الصراع على فلسطين والمراحل التى مر بها والعلاقة بين اليهود وفلسطين عبر التاريخ، وهذا يستدعى تفكيك الصراع والانطلاق بالتحليل والتأمل التاريخى والدينى بعيداً عن كثير من الافكار والاحكام المسبقة والانتقائية التى ارتبطت بالصراع في عصرنا الحاضر سواء بسبب التداخلات التى افرزها الاستعمار الغربي لمنطقتنا وظهور الحركة الصهيونية وما صحبها من تطرف وغلو في النظر إلى فلسطين، أو بسبب ظهور الحركات القومية العربية والحركات الإسلامية، والتى تعاملت مع الصراع من خلال نظرة قومية ضيقه أو دينية انتقائية، لم تستطع ان تشخص طبيعة الصراع وسبل مواجهته، فتاهت في نظريات وتفسيرات ثبت فشلها بالكلية لانها لم تستلهمها من ارثنا الحضارى المجيد بل اقتصرت في علاجها لهذه الظاهره من خلال اقتباس ادبيات التجربة الاوربية الصراعية التى جلبت الويلات للقارة الاوربية والعالم خلال الخمسة قرون الاخيرة، حيث لم تكن فلسطين والشرق غائباً عن هذه النظرة الصراعية، فتعرضت المنطقة لهجمه شرسه وضحنا بداياتها وما انتهت اليه من اجل تحقيق نبوءات وافكار عدمية على يد اتباع المذهب البروتستانتى، وعلى الجانب الآخر تعرض اليهود المتواجدون في اوروبا لحملات اضطهاد وتنكيل منظمه من قبل كثير من الدول التى عاشوا فيها، لاسباب دينية معاديه لليهود، كانت تنظر لهم على انهم قتلة المسيح، وسعت للتخلص منهم بالقاءهم في منطقتنا، وفي الحالتين تحملنا اخطاء غيرنا ودفعنا ثمناً باهضاً نتيجه لذلك.
من هنا فاننا نرى ان وضع تصور لحل الصراع يجب ان ينبع من منطقتنا بعيداً عن الاملاءات الخارجية التى لها اجندات بعيده كل البعد عن قيمنا ومصالحنا .. تصور ينبع من اصالة حضارتنا وقدرتها اللامحدودة على الانفتاح والتفاعل واستيعاب الغزاة الذين مروا بها على مر التاريخ، والذين لم يشفع لهم تفوقهم العسكرى والمادي