للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زخم حركة الحقوق المدنية الأميركية، أم الاجتماع برئيس وزراء الاتحاد السوفيتي خروتشوف في قمة فيينا، أو التورط العسكري الأميركي في فيتنام، أو أزمة الصواريخ الكوبية، أو توقيع معاهدة حظر التجارب النووية، كان كينيدي يخرج منها، كذلك السياسي والزعيم الذكي الهادئ الأعصاب دائم البحث والاستفسار، الذي يعتبر مثالا لعصره، والساعي دوما وراء سبل إزالة التوترات، وحل الأزمات الناجمة عن الحرب الباردة والصحوة العاصفة للروح الأخلاقية على يد (مارتن لوثر كينغ الابن) وأمثاله، لأمة عانت كثيرا من الفصل والتمييز العنصري" (١).

ولكن هذه المواقف للرئيس كيندي وغيرها لم ترق للقوى الانجلوسكسونية البروتستانتية المتطرفة، والتي بدأت تشعر أن هذا الكاثوليكى يهدد مصالحهم ويهدد القيم التي بنوا على أساسها سلطتهم، ولهذا قرروا التخلص منه، حيث أثارت تصريحاته حول ضرورة وضع قانون مدني جديد غضب العنصريين الأمريكيين، وقام العنصريون في الولايات الجنوبية بتهديد الرئيس أكثر من مرة، حيث ألقى قسم المخابرات المكلف بحماية الرئيس القبض على ٤٣ مجموعة، خططت لاغتيال جون كيندي في ولاية تكساس لوحدها. وفي ١٩ تشرين أول عام ١٩٦٣م تلقى الرئيس (كيندى)، إشارة خطره جداً، فقد تلقى السكرتير الحكومي المسؤول عن المطبوعات الأمريكية (بير سيلندرجر) رسالة من أحد سكان دالاس موجهة إلى الرئيس كيندى، حيث كتب المجهول في رسالته: "لا تدعو الرئيس كيندى يأتي إلى ولاية تكساس، أنا خائف عليه، وأظن أنه سيلاقى حتفه في حالة قدومه إلى هنا. ولكن (سيلندجر) لم يسلم الرسالة إلى الرئيس كيندي لأنه لم يهتم بها، وظن إنها دعابة لا أكثر، هذا بالرغم من أنه كان لدى الجميع مجال للظن بأن الرئيس كيندي قد شعر في أعماقه بهواجس القلق عند زيارته لقلعة العنصريين الأمريكيين، حيث لم يشغل هذا الظن الرئيس كيندي لوحدة بل شغل جاكلين زوجة الرئيس وأصدقائه" (٢).

وفي يوم ٢٢ تشرين الثاني ١٩٦٣م تحولت الدعابة إلى حقيقة والقلق إلى يقين، عندما أطلق مجهول النار على الرئيس كيندي في أحد شوارع دالاس ....


(١) الرئيس كينيدي .. ملامح القوة ـ ريتشارد ريفز ـ عرض/ كامبردج بوك ريفيوز
(٢) الاخوة كيندى ـ أزغروميكوـ ترجمة ماجد علاء الدين - شحادة عبد المجيد ص٢٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>