للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو كنت دهاناً من الطيب والقرفة فتمسكت بسرتها، لأنه كان من السهل إغوائي". وعن والدته المتدينة البعيدة عن كل مجون كتب يقول: "والدتي التي تجري دماؤها في عروقي، ابتعدت كثيراً عن وسط بابل" (١). حتى إن جنود كرمويل، في غمار إسباغ هوية إسرائيل على أنفسهم، كان تركيزهم على بابل، حيث اتخذ التركيز طابعاً يهودياً خالصاً حيث كانوا يرددون: "سيف على الكلدانيين وعلى سكان بابل وعلى رؤسائها وعلى حكمائها. سيف على أبطالها. سيف على خيلها وعلى مركباتها. سيف على خزائنها فتنهب. حر على مياهها فتنشف" (سفر ارميا ٥٠:٣٥ـ٣٨). فإنجلترا، في هذيان الحمى التطهيرى، لم تصبح (مصر) و (ادوم) و (مواب) فحسب، بل باتت أيضاً (بابل).

ومن نبع الكراهية المصفاة لبابل، بلد السبي، استمد جنود كرمويل بوصفهم إسرائيل المسبية في وطنهم إنجلترا ضراوة خاصة في مقاتلة "البابليين" أي جند شارل الأول" (٢).

يقول الاستاذ محمد فاروق الزين: "ان من أكثر الألغاز حيرة وغموضاً أن يعرف المرء السبب الذي من اجله قررت الكنيسة في القرن الرابع أن تدرج (رؤيا يوحنا) ضمن الكتاب المقدس والأكثر غموضاً وحيرة كيف أن (الرؤيا) بعدما أصبحت سفراً من أسفار الكتاب المقدس، تركت هذا الأثر العجيب الذي لا يمحى عبر القرون ليس في العقل الغربي فحسب وإنما في عملية اتخاذ القرارات عند الغربيين تجاه منطقة الشرق الأوسط حتى بعد ألفي عام من الزمن. واليوم نجد في الغرب وفرة من الكتب التي تجد العلاقة صريحة بين عراق اليوم وبين بابل (أم العاهرات ونجاسات الأرض)، ومنها كتاب شارل تايلور بعنوان (صدام بابل العظيمة)، وكتاب شارل داير من ندوة دالاس اللاهوتية بعنوان (صعود بابل) وعلى غلافه صورة صدام، وحتى بعد هزيمة العراق ذكر شارل داير أن العراق قد يبرز من جديد بدور بابل نجاسات الأرض، وان صدام نفسه قد يعود للظهور بصورة (وحش الرؤيا) عدو المسيح فلا يستغرب المرء


(١) المسيحية والإسلام والاستشراف ـ محمد فاروق الزين ص٢٤٤
(٢) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص١٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>