للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول يسوع: "وأنا لا أدين أحداً" (يوحنا ٨ـ١٥). "وأني لا افعل شيئاً من نفسي" (يوحنا ٨ـ٢٨). أما بولس فيقول، على العكس، وبروح العهد القديم: "سيأتي يسوع المسيح ليدين الأحياء والموتى"، (الرسالة الثانية إلى تيموتاوس ٤ـ١) (١). فمسيح القديس بولس ليس هو يسوع، مسيح بولس هو الترجمة اليونانية للمسيا اليهودي الذي عليه أن يعيد مملكة داود، وعليه إذاً أن يكون من نسل داود، وان يتمم ما بدأه هذا القائد الحربي لحفنة من المرتزقة، حدثتنا كتب (صموئيل والملوك) عن مغامراتها الدموية الفظيعة، لم يكن يسوع داود الجديد كما لم يكن ابناً لإله الحروب ورب الجيوش، ولم تكن المحبة التي بشر بها استكمالاً لما ورد في العهد القديم من عنصرية ودموية، والتي قصرت أن يحب بعضكم بعضاً على حدود القبيلة الضيقة. فالنصوص التلمودية تقتضي هذا التفسير، بينما قال يسوع: "هذه وصية جديدة لن تجدوها في شريعة موسى، كما قيلت لليهود: "حيث اذهب أنا لا تقدرون انتم أن تأتوا، أقول لكم انتم الآن (للحواريين) وصية جديدة تحبوا بعضكم بعضاً" (يوحنا ١٣:٣٣ـ٣٤) (٢).

يسوع يقول: "ولابد، من قبل، أن يكرز بالإنجيل في جميع الأمم" (مرقس ١٣ـ١٠)، بينما يقول بولس في رسالته إلى أهل رومية (١ـ١٧) "اليهودي أولاً ثم اليوناني". فبعد أن حطم عيسى المسيح الأسطورة القاتلة، أسطورة (الشعب المختار)، عاد بولس ليحييها ثانية بـ (اليهودي أولاً). فاقتداءً بيسوع المسيح صرح بطرس الرسول بقوله: "انتم تعلمون انه محظور على اليهودي أن يخالط أجنبياً أو أن يدنو إليه. أما أنا فقد أراني الله أن لا أقول عن أحد انه نجس أو دنس" (أعمال الرسل ١٠ـ٢٨). ويضيف: "في الحقيقة قد علمت أن الله لا يحابى الوجوه، بل أن من اتقاه في كل أمره، وعمل البر، يكون مقبولاً عنده" (أعمال الرسل ١٠ـ٣٤ـ٣٥). وهكذا قضى عيسى المسيح على امتيازات الشعب المختار، الذي يعطيه الله النصر على كل شعب لا يتبعه، ويأمره بإبادته. وهنا لابد من التحديد والاختيار بين العهد القديم والعهد الجديد، ولأي اله يسوع هو الابن؟ من المؤكد انه ليس ابناً (ليهوه) رب


(١) نحو حرب دينية؟ جدل العصر / روجيه جارودى ص١٦٣
(٢) أمريكيا طليعة الانحطاط ـ روجيه جارودى ـ ص ١٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>