للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهودي الواردة في سفري دانيال وحزقيال، لم تغب عن بال يوحنا اللاهوتي وهو يكتب رؤياه، ولهذا يؤكد كثير من الباحثين أن يوحنا اللاهوتي، كان كاهناً يهودياً نشأ وتتلمذ على التراث اليهودي، واخذ به إيماناً وعقيدة، فجاءت رؤياه يهودية بمضمونها وبصورها وبتطلعها إلى مجيء المسيح المنتظر اليهودي. ومما يعزز هذا القول هو "إن هناك جماعة يهودية عاشت في القرن الأول الميلادي تسمى (المتهودون)، كانت تؤمن بالمسيحية دون أن يمنعها هذا الإيمان من استمرار ولائها للدين اليهودي والشريعة الموسوية، بل أن هذه الجماعة اليهودية كانت في واقع الأمر تسعى، ولدوافع قومية إلى تهويد المسيحيين من الأمم. ولم يشعر هؤلاء اليهود الذين آمنوا بالدين المسيحي الجديد بأي تعارض بين يهوديتهم وبين تحولهم إلى الدين المسيحي. وساعد على تحولهم للدين المسيحي اعتقادهم بقرب مجيء المسيح المنتظر" (١).

وسواء كان يوحنا اللاهوتي يهودياً من عدمه، فإن النتيجة التي نطمئن إليها هي أن رأياه كانت يهودية من أولها الي آخرها، ولم تكن لها أي علاقة بالسيد المسيح عليه السلام. "فكما هو الحال في كل ما له علاقة باليهودية فقد تركز الحلم العام الذي تمخض عن المسيح المنتظر، على مهمة محددة بالغة الوضوح لا لبس فيها، هي ملء الأرض بالجثث، وسحق الرؤوس، وجعل كل ما عدا الشعب اليهودي، موطئاً لإقدامه، وانتداب اليهود بقيادة ملكهم المسيح المنتظر لحكم الأرض، كل الأرض نيابة عن يهوة" (٢). لهذا فإن يوحنا اللاهوتي، في مستهل الرؤيا، أو في الخطفة الأولى يقول: "كنت في الروح في يوم الرب، فسمعت ورائي صوتاً عظيماً كصوت بوق .. ولما التفت لأنظر الصوت، رأيت سبع منائر من ذهب" (رؤيا ١: ١٠ـ١٢). ويتحدث يوحنا في رؤياه عن "الممسك السبعة الكواكب في يمينه، الماشي في وسط السبع المناير الذهبية" (رؤيا ٢: ١).


(١) الهرطقة في الغرب ـ د. رمسيس عوض ص١٨ - سينا للنشر /القاهرة- الانتشار العربي /بيروت- ط١ ١٩٩٧
(٢) المسيحية والتوراة - شفيق مقار- ص٤٠ - رياض الريس للكتب والنشر- ١٩٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>