للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبداية لمزيد من التطرف والتهود الذي وصل إلى ذروته في طائفة (أخوة بليموت). فقد استطاع لاهوت الأيام الأخيرة الذي روج له بولس ويوحنا اللاهوتي، السيطرة على خيال وتفكير أتباع المذهب البروتستانتي، حيث اعتنقته في البداية طائفة بروتستانتية بريطانية غير معروفه في القرن التاسع عشر الميلادي هي طائفة (أخوة بليموث) التي كان باعث إلهامها رجل يدعى (جون نلسون داربي)، حيث اتبع نهجاً لتفسير الكتاب المقدس يدعى (التدبيريه)، بمعنى أن كل شيء مدبر ومبرمج، وأن على الإنسان العمل على تحقيق البرنامج الإلهي وفق التفسير الحرفي للنبوءات التوراتيه، حيث أدى ذلك إلى إرساء قواعد الأصولية الدينية الإنجيلية (١)، وكان أحد الجوانب الرئيسة في هذه العقيدة، هو الفصل بين إسرائيل والكنيسة في خطة الله للخلاص.

كان اعتقاد (داربي) وإيمانه، بأن نبوءات العهد القديم التي ترتبط بعودة اليهود المشتتين إلى أرض إسرائيل قبل تغربهم، يجب أن تتحقق حرفياً، وكانت هذه العقيدة تتعارض مع التعليم الواسع الانتشار للكنيسة الغربية في ذلك الوقت، والذي كان ينظر إلى النبوءات العبرانية القديمة من خلال عدسة (لاهوت الأيام الأخيرة) لأوغسطين والمعروف بـ (الاستبدال) حيث حدد أوغسطين الكنيسة كوريث للوعود ـ أي أنها إسرائيل الجديدة، التي تتطلع بشوق إلى أورشليم الجديدة (الأبدية) وهكذا أزال الوعد المرتبط بالأرض من هذه المعادلة.

وقد راج تعليم (داربي) بشكل كبير في كلٍُّ من بريطانيا وأمريكا، ويقول البعض أنه أصبح أكثر قبولا في بداية القرن الماضي من خلال وعظ وكرازة القس (دي ال. مودي). ولكن التحول الكبير حدث عندما نجح الأمريكي (سيروس سكوفيلد) في التقدم خطوات طويلة في عملية التهويد المنظم للمسيحية، من خلال ربط تفسيره للإنجيل بماضي وحاضر ومستقبل إسرائيل. "ففي اعتقاد سكوفيلد فأن عودة المسيح لن تحدث إلا باكتمال العوامل الأربعة التي، تفرض العودة: العامل الأول: عودة اليهود إلى فلسطين، العامل الثاني: السيطرة الكاملة على القدس غير


(١) الدين في القرار الأمريكي ـ محمد السماك - ص٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>