المعركة التي قتل فيها الملك اليهودي جوشيا في العام (٦٠٩) قبل الميلاد، وهو يحاول الدفاع عن القلعة ضد المصريين، مما أدى إلى ذكريات مريرة عند اليهود، استمرت لقرون عديدة، إلى أن قرر يوحنا ـ مؤلف الرؤيا ـ وهو يهودي من أتباع بولس ـ أن يخلد الذكريات اليهودية عن تل مجدو بطريقته الخاصة.
وقد ارتبطت مجدو في الاعتقاد القديم، بأنها الأرض التي كان الفاتحون القدامى يعتقدون أن أي قائد يسيطر عليها يمكنه أن يصمد أمام الغزاة، ويعتقد اليهود ومن تبعهم في ذلك من البروتستانت .. أن جيشاً من مائتي مليون جندي يأتون إلى (مجدو)، لخوض حرب نهائية. ففي التوراة، وفي الإنجيل، وفي رؤى القديسين إشارات إلى هذه المعركة الهائلة، التي يسمونها معركة هرمجدون .. تجري على أرض فلسطين وأطرافها، المسلمون والنصارى واليهود، حيث يتصور كل فريق إن المعركة سوف تنتهي لصالحه.
يقول المسيحيون:"إن المسيح سوف ينزل من السماء في أعقاب هذه المعركة، وأنه لن ينزل إلا إذا جرت دماء المسلمين انهاراً ... وطائفة الإنجيليين في أمريكا تدفع باليهود لإشعال الحرب، لتتعجل نزول مسيحها .. وكان رونالد ريجان (وهو من هذه الطائفة) يحلم بأن يكون هو الرجل المحظوظ، الذي يشعل فتيل تلك المعركة. أما اليهود فيقولون: أن القادم هو المسيح الحقيقي، وانه ملك اليهود وان ما جاء من قبل لم يكن هو المسيح، ولهذا لم يؤمنوا به ولم يتبعوه. وكل طرف يحلم بأن تتم التصفية الإلهية لحسابه ... وتظل هرمجدون أسطورة ... ولكن لا شك أن الله يدفع بالأحداث إلى ذروتها .. وأن الأرض حبلى بالكوارث .. والله وحده يعلم كيف تنتهي؟ ومتى؟ وأين؟ ولحساب من؟ "(١).
وفي الحقيقة فإن الاعتقاد بـ (هرمجيدون) أصله في التوراة، التي عند اليهود، وقد تبعهم في ذلك المسيحيون البروتستانت، الذين يأخذون بالتفسير الحرفي للتوراة، وقد وضحنا في السابق دور ذلك في جعل البروتستانت يؤمنون بحرفية كل ما جاء في التوارة، من قصص تاريخية، ونبوءات. وقد جاءت الإشارة إلي ذلك اليوم
(١) إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود ص١٠٤