للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاثوليكية) في اتجاه تأخير إقرار الانتداب البريطاني على فلسطين في عصبة الأمم إلى أن يعاد النظر في وعد بلفور.

وفي عملية استيعابية لهذه التحركات، قام (ونستون تشرشل) وكان وزيرا للمستعمرات البريطانية، بحركته الالتفافية فأصدر الورقة البيضاء، التي استهدفت إقناع خصوم الصهيونية بفرض قيود على المستقبل السياسي للمستوطنين اليهود في فلسطين دون إعادة النظر في نص وعد بلفور أو في مضمونه. وفي هذا الإطار أيضا ـ جاءت توضيحات القومندون (هوغارث) من المكتب العربي في القاهرة بأن أي مستوطنة يهودية في فلسطين لن تقام إلا في حدود مراعاة الحريات السياسية والاقتصادية للسكان العرب. وقد عززت حركة تشرشل هذه، الموقف الذي اتخذه الكونجرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب بتأييد وعد بلفور بمنح اليهود وطنا قومياً دون إلحاق الأذى بالحقوق الدينية للمسيحيين أو غيرهم من المجموعات غير اليهودية". هذان الموقفان البريطاني (الإنجليكاني)، والأمريكي (البروتستنتي) أديا معاً إلى هزيمة موقف الفاتيكان (الكاثوليكي).

وبرغم ذلك، وبرغم انشغال البابوية بالانعكاسات السلبية على الكنيسة الكاثوليكية في الدول الشيوعية، فإن الفاتيكان لم يتراجع عن معارضة تهويد فلسطين خلال الثلاثينات من القرن العشرين. "ففي تموز ـ يوليو من العام ١٩٣٧م، وفي أعقاب الثورة الفلسطينية التي نشبت في عام ١٩٣٦م ألفت بريطانيا لجنة للتحقيق، أوصت اللجنة بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع إبقاء الأماكن الدينية في القدس وبيت لحم تحت إشراف الانتداب البريطاني، حيث عارض العرب المسلمون والمسيحيون توصيات اللجنة، وعارضها الفاتيكان أيضاً. ففي مذكرة وجهها إلى الحكومة البريطانية في السادس من آب ـ أغسطس من ذلك العام، عارض الحبر الأعظم تقسيم فلسطين، وعارض بصورة أخص وضع المناطق المقدسة بما فيها بحيرة طبريا والناصرة ضمن الجزء المخصص للدولة اليهودية. وأعرب الحبر الأعظم عن قلقه الشديد من نتائج مثل هذا التقسيم لفلسطين على المجموعات المسيحية" (١).


(١) الصهيونية المسيحية ـ محمد السماك ص ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>