للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكنتيجة للثورة الفلسطينية والمعارضة الفاتيكانية وما رافقها من توتر دولي، تراجعت الحكومة البريطانية عن مشروع التقسيم، ثم أصدرت في عام ١٩٣٩م الورقة البيضاء التي حددت بموجبها عدد اليهود الذين يسمح لهم بالهجرة سنويا إلى فلسطين، ومساحة الأراضي التي يسمح لهم بتملكها، ولكن ذلك لم يرق للدوائر الصهيونية التي حاولت الالتفاف على هذا الأمر من خلال ممارسة بعض الضغوط على الفاتيكان، "حيث كان آخر فصول النزاع اليهودي المسيحي في تلك الفترة محاولة الصهيونية العالمية تجريم البابا بيوس الثاني عشر بتهمة الوقوف مع النازية في الحرب العالمية الثانية، ثم الضغوط الهائلة التي أفضت إلى تبرئة اليهود من دم السيد المسيح" (١). ولكن هذه المحاولة لم تنجح في جعل البابا يغيرّ رأيه في مشروع التقسيم.

وقد عكست الصحف الأمريكية الكاثوليكية (ساين وتابليت) الحملة الفاتيكانية ضد التقسيم، وركزت على أن فلسطين ليست ولن تكون وطناً قومياً لليهود، حيث ظل هذا الموقف من الثوابت الفاتيكانية حتى إلى ما بعد تصويت الأمم المتحدة على قبول عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية. ففي ٢٢ من حزيران - يونيو من العام ١٩٤٣ م، ورداً على بيان المنظمات الصهيونية الذي صدر في نيويورك (بيان بلتيمور) في أيار ـ مايو ١٩٤٢م، وجه المبعوث الفاتيكاني إلى الولايات المتحدة الأسقف (أملتو تشيكونياني) مذكرة إلى الحكومة الأمريكية جدد فيها نداءات البابا (بنديكت الخامس عشر) بمعارضة إنشاء دولة يهودية في فلسطين، وضمن المذكرة صورة عن مذكرة الكاردينال (غسباري) إلى عصبة الأمم في ٤ من حزيران - يونيو ١٩٢٢م والتي جاء فيها: "إذا كانت إقامة وطن يهودي أمراً مرغوباً فيه، فلن يكون من العسير إيجاد مكان مناسب أكثر من فلسطين. إن مشاكل دولية جديدة سوف تترتب على زيادة عدد السكان اليهود هناك، وسيتصدى كاثوليك العالم لهذا الأمر" (٢).

غير أن الصهيونية المسيحية كانت أقدر على انتزاع موقف من الكونجرس، "يدعو فيه الإدارة الأمريكية إلى بذل جهودها لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لفتح


(١) تاريخ تطور علاقة المسيحية باليهودية / د. فكتور سحاب الخليج عدد ٨٦٧٤.
(٢) الصهيونية المسيحية ـ محمد السماك ص ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>