للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجيب على ذلك الرئيس جورج بوش الأول، الذي كان المهندس الأساسي لحملة العقوبات، والذي قاد حملة التحريض على حرب الخليج عام ١٩٩١م وكان مصمماً ـ إلى جانب من خلفوه في الرئاسة ـ على أن يؤمن بقاء الحظر الاقتصادي والغارات على الدوام. ففي يوم ١٩ كانون الثاني / يناير ٢٠٠٠م أشاد بالطياريين الأمريكيين في قاعدة أحمد الجابر الجديدة في الكويت، قائلاً: "إنهم (يقومون بعمل الرب) في مواصلتهم الإغارة بالقنابل على العراق، وأضاف معلناً: "نحن الولايات المتحدة بلد أخلاقي ... وأنتم (الطيارون الأمريكيون) تعلنون بياناً أخلاقياً" (١).

ولا أعرف أي رب هذا الذي يؤمن به (جورج بوش الأب)، الذي تسبب في إبادة جماعية لشعب العراق، إلا أن يكون (رب الجنود يهوه) الذي يتحرق شوقاً على قتل أطفال العراق: "طوبى لمن يحطم رؤوس أطفال بابل بالحجارة". هذا هو البيان الأخلاقي الذي يعنيه الرئيس بوش الأب، والذي تسبب حسب دراسة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة (يونيسيف) في أن ثلث الأطفال العراقيين أقل من خمس سنوات (أي ٩٦ ألف طفل)، يعانون من نقص تغذية مزمن. وارتفعت نسبة وفيات الأطفال من ٦١ في الألف العام ١٩٩٠م، وهى السنة التي فرض فيها الحظر على العراق، إلى ١١٧ في الألف العام ١٩٩٦م. وقد تضاعف المتوسط الشهري لعدد الأطفال الذين يموتون نتيجة إصابات رئوية حادة، ونتيجة نقص التغذية والإسهال بمعدل عشر مرات، وارتفع من ٥٨٩ وفاة عام ١٩٨٩م إلى ٥٧٥٠ عام ١٩٩٦م (٢).

وعلى الصعيد الصحي، فإن بيان بوش الأخلاقي، الذي زينه بنظام العقوبات، تسبب في كارثة إنسانية لا يمكن وصفها خاصة على مستوى حظر استيراد الأدوية والغذاء، بزعم أن الكثير منها يحتوي على مواد وعناصر يمكن للعراق استخدامها في إنتاج الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، حيث كان استيراد أي مواد من الخارج يتطلب موافقة لجان عديدة من الأمم المتحدة ـ المشرفة على الحصارـ والمرور بـ١٤ خطوة تسيطر عليها الولايات المتحدة، التي كانت ترفض الكثير من صفقات الدواء والطعام


(١) استهداف العراق - العقوبات والغارات في السياسة الأمريكية - جيف سيموند - مركز دراسات الوحدة العربية ص٢٥٧.
(٢) خلفيات الحصار الأمريكي البريطاني للعراق - د. صالح زهر الدين ص٢٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>