للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه الأيام يجد منظمو استطلاعات الرأي باستمرار، مستويات من الإيمان الديني المعلن يمكن أن تدفع المرء إلى التشكيك في الاعتقاد الشائع القائل: إن الأمريكيين الآن أقل تديناً مما كانوا عليه منذ قرن مضى. إذ لا يقول خمسة وتسعون في المائة من الأمريكيين، الذي يجري استطلاع آرائهم كل مرة أنهم يؤمنون بالله وحسب، بل يقول أكثر من سبعين في المائة أيضاً أنهم لن يصوتوا لصالح مرشح رئاسي لا يؤمن بالله، (حتى وإن كانوا يحبونه حقيقة ... ويشاركونه آراءه السياسية). كما يقول سبعة من كل عشرة أن عيسى هو ابن الله المقدس. ويؤمن نفس العدد بحياة بعد الموت. كذلك يقول الثلث أنهم (ولدوا من جديد) كما يقول حوالي النصف أن (الكتاب المقدس) كلمة الله، وكل ما جاء فيه صحيح. ويقول ستة من كل سبعة، أن الوصايا العشر من الأمور، التي يجب العمل بها هذه الأيام، بينما يذكر سبعة وخمسون في المائة أن الدين "أمر هام جدا في حياتهم" (١).

وهذه المستويات العالية من الإيمان الديني، التي كشفت عنها الاستطلاعات، تؤكد النتيجة التي سبق وأن توصل إليها (الكسيس دي توكفيل) في كتابه (الديمقراطية في أمريكا) عندما قال: "في الولايات المتحدة السلطة المهيمنة سلطة دينية وبالتالي، لا يوجد بلد في العالم يتمتع فيه الدين المسيحي بالنفوذ الذي يتمتع به في نفوس الناس في أمريكا" (٢). كما أن الكتاب المقدس ـ المصدر الرئيس للعقيدة المسيحية ـ يتمتع بمكانة خاصة حاسمة في نفوس الناس في أمريكيا، لأنه كان في وسع المصلح دائماً الاحتكام إلى المبدأ البروتستانتي القائل: إن الكتاب المقدس كان السلطة الوحيدة العليا التي تسمو على جميع التقاليد، وكان بإمكان الشخص العادي الذي يقف إلى جانب المعنى الواضح المبني على سلامة الفطرة للكتاب المقدس، وان يتجاهل سلطة رجال الدين المثقفين أو الكنائس ذات الهيبة والمقام.

وهكذا فقد اتفق جميع البروتستانت الأمريكيين تقريباً، من حيث المبدأ على أن الكنيسة الحقة والمدنية الصحيحة لابد وأن تقوما على الكتاب المقدس. "ولا يكاد يمكن للمرء أن يغالي في تقديره للدرجة العظيمة التي نظر بها البروتستانت


(١) الدين والثقافة الأمريكية - جورج مارسدن - ترجمة صادق عودة ص٩
(٢) الدين والثقافة الأمريكية - جورج مارسدن - ترجمة صادق عودة - ص٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>