للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمريكا في إخراج مخططاتها وأحقادها الدفينة من خزائن التاريخ العفنة، وبالتعاون مع الصهيونية العالمية، من أجل إظهار العرب والمسلمين بصوره بشعة وغير إنسانيه لتبرير العدوان عليهم واستباحة مقدراتهم، حيث ساهمت عدة عوامل في صياغته هذه الصورة المرعبة للإسلام في عقول الغربيين يمكن إيجازها بالآتي:

أولاً ـ القادة والسياسيون

(حرب صليبية)، (حرب ضد الفاشية الإسلامية)، (حرب تغيير القيم)، مصطلحات ترددت بقوة على لسان الرئيس الأمريكي جورج بوش، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر٢٠٠١ بما يؤكد أن الغرب وجد العدو البديل ممثلاً في المسلمين، بعد زوال الخطر الشيوعي، حيث أزاحت أحداث ١١ سبتمبر الغطاء عن مكنون القلوب لدى زعماء غربيين تصرفوا بمنطق الحروب الصليبية، وأحيوا مقولات الداعين لتلك الحروب والمتمثلة في مواجهة خطر المسلمين الكفار. "فإستخدام التاريخ لأسباب سياسية يتضخم في الفترة المعاصرة. ويكفى مثال واحد لتبرير سباق التسلح أو السيطرة الاقتصادية، حيث يصطنع تاريخ الخصم على أنه شيطان. فقد كان الاتحاد السوفيتي هو (إمبراطورية الشر)، وبعد انهياره، وجد جورج بوش في الإسلام بديلاً ليبرر السياسة نفسها، وعلى النقيض من ذلك، ظهر تاريخ مقدس، كان في البداية تاريخ العبرانيين، تم استولى عليه المسيحيون الذين ادعوا وراثتهم له، ليبرروا حملاتهم الصليبية، تم استعمارهم" (١).

فقد استجاب الرئيس الأمريكي جورج بوش لكارثة ١١ سبتمبر بشكل شبيه بما فعله البابا أوربان الثاني، الذي عبأ العالم المسيحي إلى (الحرب المقدسة)، وكان المسلمون بالنسبة له هم الشعب الكافر، حيث جعل بوش من الحرب الصليبية قرينة للجهاد وعزز من صورة القاعدة (٢). وترددت أصوات بوش عن الحرب ضد الشيطان في لندن، حين أعلن رئيس الوزراء البريطاني في ١٧ سبتمبر ٢٠٠١، دعمه للتحالف الذي تشكله الولايات المتحدة لخوض الحرب في أفغانستان، مشيرا إلى أن الحرب القادمة ستكون بين العالم المتحضر من ناحية، والتعصب من ناحية أخرى. وبعد


(١) أمريكا طليعة الانحطاط ـ جارودى ـ ص١٨١
(٢) راجع كتاب "الحرب الصليبية .. وقائع حرب ظالمة"- الصحافي والكاتب الأمريكي جيمس كارول - نيويورك ٢٠٠٤ - ترجمة د. قاسم عبده قاسم - الجزء الثاني - مكتبة الشروق الدولية - ط١ ٢٠٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>