للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالإرهاب الذي واجهت به أمريكيا العالم رافعة شعار: (إما معنا أو مع الإرهاب)، سيظل إلي أبد الآبدين وصمة عار في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية .. لا .. ليس في تاريخ الولايات المتحدة فقط .. بل في تاريخ الحضارة الغربية كلها .. وصمة الكذب القادر علي قتل من يرفض تصديقه .. وصمة البرابرة والهمج التي سقطت عن وجوههم فجأة كل الأقنعة، التي تقنعت بها لتكشف زيفاً عاش بالكذب القرون تلو القرون. فالأمر هنا لا يتعلق فقط باتهام أغلب الظن أنه كاذب، شنت أمريكا بسببه حرباً عالمية، بل بالممارسات التي صحبت شن هذه الحرب. وحتى لو كان هذا الاتهام صادقا، ً فإنه لا يبرر علي الإطلاق شن مثل هذه الحرب، ولا أي حرب علي الإطلاق. لأن أفغانستان الدولة لم تشن حرباً علي الولايات المتحدة، و إنما تشتبه الأخيرة في شخص ما وتتهم أفغانستان بإيوائه (١).

ولكنها اللعبة الكبرى للقرن الحادي والعشرين .. لعبة قامت بها مراكز القوى الخفية التي تحكم الولايات المتحدة من خلف الستار ونفذتها بكل نجاح. وهي تفوق في آثارها وانعكاساتها عملية اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق (جون كيندي)، التي نفذتها هذه القوى أيضًا، ونجحت في إسدال ستار كثيف من الغموض عليها. هذه اللعبة الكبيرة والخطيرة سترسم الخطوط العامة للسياسة الدولية لعشر سنوات مقبلة على الأقل، ولا يستطيع أحد الآن توقع مضاعفاتها وتطوراتها وآثارها في السياسة الدولية، وفي تصعيد الهيمنة الأمريكية على العالم، وإن بدت آثارها القريبة في أنها أشعلت الحرب الأولى لهذا القرن. كما أنها تنذر بحدوث توترات شديدة بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة، حتى إنها حدت بالكثيرين للقول بأن حرب الحضارات التي تنبأ بها (هانتنجتون) قد بدأت (٢).

إنها عملية محبوكه ومنظمه يديرها رجال تسللوا إلى مقاعد صنع القرار، وجواسيس، وأموال، وزعامات سياسيه، ورؤوس تفكر وتخطط، وعصابات تقتل، وإرهاب يفجر، ولكن الجرائم لم يحدث قط أن ولدت كاملة، وكل جريمة لا بد أن ينقصها شيء، والمجرم مهما بلغ ذكاؤه، لا بد أن ينسى شيئاً ... شيئاً صغيراً تافهاً


(١) راجع بل هي حرب على الإسلام - الدكتور محمد عباس- مكتبة مدبولي - ٢٠٠٢
(٢) راجع بتفصيل مقال أورخان محمد علي- موقع الإسلام انلاين٣ - ١١ - ٢٠٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>