للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلسطين الغربية. أما فلسطين الشرقية (الأردن حالياً) فقد كانت هي الأخرى هدفاً للاستيطان اليهودي، وكانت مهمة (كوندر) الأساسية أن يضع على الخريطة الأماكن التوراتية، وان يرسم الحدود لقبائل بنى إسرائيل الاثنى عشر وقد أتاح هذا العمل الفرصة لكوندر كي يتعرف على فلسطين أكثر من غيره. وقد نشر العديد من الكتب والمقالات عن تاريخ فلسطين وحاضرها ومستقبلها، فكان أكثر كاتب بريطاني (صهيوني) إنتاجاً، وهو الذي وصفه المؤرخ اليهودي (سوكولوف) بأنه أفضل عالم وخبير بفلسطين في عصره. وحين أعلن هيرتسل قيام الصهيونية رسمياً في بازل، كان كوندر من أوائل الذين اعتنقوها. كما أنه وافق فوراً على خطة لورانس اوليفانت باستيطان اليهود أرض جلعاد، شرقي الأردن، وقدم له خبرته في شؤون الأرض والناس. وهكذا مهدت أعمال بعثة (صندوق استكشاف فلسطين) الذي أنشأه شافتسبرى، بالإضافة إلى شهادات الرحالة والعلماء وكتاباتهم، درباً "واضح المعالم للصهيونية السياسية، كما ساهمت في زرع فكرة فلسطين الكبرى التي أصبحت إسرائيل الكبرى" (١).

وبالرغم من أن شافتسبرى كان من أبرز المهتمين بعودة اليهود إلى أرض فلسطين في القرن التاسع عشر الميلادي، إلا أن ـ هناك ـ كثيراً من ذوى المكانة والنفوذ عملوا جادين لتحقيق هذا الهدف. فقد كان هناك نبلاء بريطانيون وعلى رأسهم (دوق كنت) وكثير من أعضاء مجلس اللوردات، بالإضافة إلى أدباء وشعراء عبروا عن عطفهم وإعجابهم بالشعب اليهودي ودعوه للعودة إلى أرضه في فلسطين؟ ولم يكن شافتيسبرى ـ بحماسته اللامحدودة ـ نسيجاً وحده، بل كان واحداً من مجموعة من كبار الإنكليز الذين صرفوا جل اهتمامهم وعملهم، في العقدين الخامس والسادس من القرن التاسع عشر الميلادي، من أجل إعادة اليهود إلى فلسطين. ومن هؤلاء البارزين الكولونيل (تشارلز هنري تشرشل) الذي كان قنصلاً سابقاً لبريطانيا في دمشق. "فقد كان من كبار المتحمسين للدولة اليهودية، ومن المؤمنين بأن مهمة بريطانيا التاريخية أن تقود اليهود المعذبين في عودتهم إلى وطنهم الأصلي. فقد بعث الكولونيل تشرشل برسالة إلى السير (موسى


(١) فلسطين، القضية ـ الشعب ـ الحضارة ـ بيان نويهض الحوت ص ٣٠٣ـ ٣٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>