للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالمية موجهة ضد هذا العدو الأسطوري، الذي استطاعت أميركا بإعلامها أن تضخمه، ليكون انتصارها عليه بحجمها هي لا بحجمه الحقيقي هو. وهكذا قدم هؤلاء الإسلاميين خدمة لأميركا لو بذلت المليارات لما استطاعت أن تحصل عليها، في الوقت الذي أرادوا فيه أن يسقطوا أميركا (١). فجهل بعض رموز الحركات الإسلامية بالسنن الإلهية الكونية، وبموطئ أقدامهم فيها، وكذلك تسرع البعض الآخر من هذه الرموز، وسوء النية والطوية عند قسم ثالث منهم، جعل الإسلام والمسلمون يدفعون ثمنه مرتين: مرة من قبل هؤلاء المتسرعين والجهلة وذوي الأغراض الشخصية، إذ يعيقون بمواقفهم وسلوكهم حركة الإسلام وتقدمه. ومرة من قبل أعداء الإسلام، وأعداء توجهاته السياسية في الداخل والخارج، عندما ينسبون مواقف هؤلاء وأخطاءهم إلى الإسلام نفسه ولله الأمر من قبل ومن بعد (٢).

وهذه ليست كل الصورة، حيث أن ما يفعله هؤلاء بجهالة في أفغانستان والجزائر والصومال والسودان وغيرها وراءه أشرار كبار، يخططون في الخفاء، ودول صاحبة مصلحة في إشعال النار تنفق وتسلح وتستعمل الجواسيس والعملاء، وتستغل حب الرياسة في هذا وذاك وحب المال في هذا وذاك ... نعم وراء كل قنبلة تنفجر هناك جيش من الشياطين يعمل، وأجهزة مخابرات تخطط، ليظل الجحيم مستعراً وليظل المسلمين سجناء تخلفهم إلى الأبد. فالصورة كلها صورة بوليسية، والعمل عمل جواسيس محترفين، لكن القيادات الإسلامية، والمسلمون الكبار ليسوا أبرياء فوقوعهم في مصيدة الفتنة، وفي أحابيل المكر الذي حاكته العقول الاستعمارية المحترفة هو ضعف وسذاجة، تحسب عليهم في آخر المطاف، فهم لم يكونوا بالنضج ولا بالوعي الكافي الذي تستلزمه الرسالة التي وهبوا أنفسهم من أجلها.

والتساؤل الأعجب، لماذا توجه هذه الفرق الإسلامية رصاصها إلى الفرق الإسلامية المنافسة ولماذا تكون العدوات بينها أشد؟ (حارب الأفغان بعضهم البعض


(١) المدنس والمقدس .. أميركا وراية الإرهاب الدولي-المؤلف: السيد محمد حسين فضل الله- عرض/إبراهيم غرايبة- الجزيرة نت
(٢) الإسلام .. والغرب .. وإمكانية الحوار - إبراهيم محمد جواد

<<  <  ج: ص:  >  >>