للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفنه سيأتي من سيخرجه إلى الوجود ثانية وسيستخدمه في إبادة ألوف البشر، لما فعل ذلك، ولأبقاه على الأقل لمواجهه عنصرية المهاجرين الأوربيين إلى أمريكا. ولكن يبدو أن هؤلاء الهنود الحمر الطيبين الذين كانت ثقافتهم وحضارتهم تقوم على المثل العليا لم يدركوا طبيعة المغتصب الجديد الذي لا يكتفي بالسلب والنهب، بل أيضاً يعشق القتل ورائحة الدم، حيث كانت سياسة الإذلال والترويع التي انتهجها الحجاج، ومن قبلهم مستعمرو فرجينيا أفضل تعبير عن شكرهم للضيافة الهندية.

فكثيراً ما كانوا يقتلون الهنود الذين يحملون إليهم الطعام والهدايا، بل كانوا يقدمون لهم المغريات الكثيرة لزيارتهم من أجل أن يكمنوا لهم ويقتلوهم، وكانت الوسيلة المحببة لاستدراجهم، واستخراج ذهبهم خطف أولادهم لما لاحظوه من تراحم الأسرة الهندية فيما بينها وتكافلها ورعايتها لأطفالها (١).

كما عمد المحتلون البيض إلى تدمير حضارة الهنود العالمية وثقافتهم، التي كانت من حيث مستواها الأخلاقي ـ الروحي، أعلى بكثير من الثقافة التلمودية ـ اليهودية وتقترب من الأفكار المسيحية. فالوحشية المرضية والجشع، السمتان المميزتان للمحتلين البيض في أمريكا الشمالية، كانتا بعيدتين تماما عن الهنود الحمر الذين رأوا في الغزاة البيض أناساً شاذين ضارين، ولا يستحقون سوى الشفقة (٢). وفي حديث لزعيم قبائل الهنود الحمر ويدعى (بوهاتن) مع (جون سميث) قائد مستوطنه جيمس تاون قال: لماذا تصرون على أن تأخذوا منا بالقوة ما يمكن أن تأخذوه بالمحبة؟ لماذا تصرون على تدميرنا، ونحن الذين قدمنا لكم الغذاء؟ ما الذي تستطيعون الحصول عليه بالحرب؟ إننا نستطيع أن نخفى تمويننا، ونفر إلى الغابات وعندها سوف تقاسون من الجوع بسبب سوء معاملتكم لأصدقائكم (من الهنود الحمر). ما هو سبب غيرتكم وحسدكم؟ ها أنتم تشاهدوننا فنحن غير مسلحين،


(١) حق التضحية بالآخرـ تأليف منير العكش ـ ص٤٠
(٢) لهذا كله ستنقرض أمريكا - الحكومة العالمية الخفية - تأليف الغ بلاتونوف - ترجمة نائله موسى ص٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>