للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولدينا الاستعداد لنمدكم بما تحتاجون إليه إذا جئتم بطريقة ودية، وليس بالسيوف والبنادق كما لو كنتم قادمين لغزو عدو (١).

كما تكشف قصة احد الهنود الحمر ويدعى (سكوانتو) مع الحجاج الأوربيين، التفوق الأخلاقي والعقلي والحضاري للهنود، وتروي عشرات الكتب التي أرخت لهذا الفتى الأسطورة وعشرات الأفلام وقصص التبشير التي استلهمت سيرة حياته، وجنت منها الملايين، كيف انتشل سكوانتو أسطورة أمريكيا من الموت في شتائها الأول، حين احضر للحجاج الطعام، وعلمهم كيف يزرعون الذرة واليقطين وأنواع الحبوب والقرعيات؟ وأين يصطادون السمك ويسمدون الأرض ببعض أنواعه؟ بل وكيف يغتسلون ويتخلصون من قذارتهم وروائحهم الكريهة عبثاً (٢). وثمة قصص أخرى كثيرة عن الأخلاق الحميدة والشجاعة والكرم التي تحلى بها الهنود الحمر، والتي تحذر من الظلم. وقد اعتبر (كولمبوس) الهنود أكثر شعوب العالم سخاء، مقدماً بذلك مساهمة في أسطورة المتوحش النبيل. "إنهم لا يعرفون اشتهاء ما لدى الغير من خيرات .. إنهم لا يعرفون المكر، ويجودون بما يملكون إلى درجة أن أحد لن يصدق ذلك إلا إذا كان قد رأى شيئاً كهذا" (٣).

ولكن وبالرغم من هذه الحضارة الراقية والاخلاق الحميدة التى تميز بها الهنود الحمر، فقد جاء شاحبو الوجوه (الأوروبيون)، وأطلقوا نيران بنادقهم عليهم بلا رحمة، وحاصرهم الموت والجوع والبرد، وطردوا من أراضيهم ودنست مقدساتهم، ولكن بقيت قصصهم تروى وتشهد.!! (٤). حيث بدأت سياسة التدمير الشامل لكل أسباب الحياة الهندية في العالم الجديد، منذ اللحظة الأولى لشروق الشمس الانكليزية على جزيرة روانوك، التي استقبلهم أهلها عام ١٥٨٠م بالترحاب فاقطعوهم ما شاءوا من الأرض وآووهم وكسوهم وأطعموهم الطعام على حبه، وعلموهم أسباب البقاء في هذه الطبيعة الغريبة عنهم. لكن ما إن اشتد ساعدهم قليلاً حتى راحوا يخترعون


(١) أمريكا و أزمة ضمير - محمد جلال عناية - ص٢٦
(٢) حق التضحية بالآخرـ تأليف منير العكش ـ ص٤١
(٣) فتح أمريكا (مسألة الآخر) -تزفيتان تودوروف - ترجمة بشير السباعي- تقديم فريال جبوري غزول- ص ٥٥ - الناشر: دار العالم الثالث- ط٢ ٢٠٠٣
(٤) حكايات الهنود الأميركيين (الحمر) أساطيرهم: حيل البقاء والمقاومة - المؤلف ـ فلاديمير هلباتش ترجمة: موسى الحالول

<<  <  ج: ص:  >  >>