للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعذار للقتل العشوائي، ويتحينون الفرص لإتلاف المحاصيل، وإحراق القرى والحقول، وقطع أسباب الحياة عن الهنود عمداً وكان الهنود قد لاحظوا منذ الأيام الأولى أن المستعمرين ينبشون القبور لسرقة ما فيها، أو لآكل جثثها الطازجة أحيانا. ثم تصاعدت خطة التجويع والتدمير الاقتصادي، وازدادت تنظيماً وتركيزاً واستهدافاً على مدى القرنين التاليين (١).

ففي بداية الهجرة وصل إلى شواطئ القارة الشمالية نزلاء السجون البريطانية والألمانية الذين أفرجت عنهم السلطات، ودفعت بهم إلى الأرض الجديدة ليبحثوا عن مكان جديد يعيشون فيه ويجربون حظهم في جمع الثروة، وكان هؤلاء مسلحين بأحدث الأسلحة، فكونوا فيما بينهم عصابات مسلحة راحت تداهم قرى الهنود الحمر وجماعاتهم، وتسلب ما بأيديهم من ذهب وجواهر، ثم تفتك بهم و تطردهم من ديارهم، وتستولي على أراضيهم لتقيم عليها مستوطنات أوروبية، ثم تتوسع كل مستوطنه شيئاً فشيئاً بقدوم مهاجرين جدد إليها، وتضم إليها أراض جديدة بعد طرد الهنود الحمر منها أو إبادتهم (٢). وفي نهاية القرن السابع عشر الميلادي زاد الزحف نحو الغرب بعد الثورة (١٧٨٣ـ١٨٠٠) ولكن حرب ١٨١٢م مع بريطانيا، وكذلك غارات الهنود كانت قد أبطأت هذا التقدم بين عام ١٨٠٠ـ١٨١٥م. وهذا الزحف نحو الغرب يمكن وصفه كالآتي: في المقدمة أصحاب الصيد وتجار الفراء والمستكشفين، ويتبع هؤلاء موجه الرواد المزارعين، وعندما تزداد كثافة هؤلاء المستوطنين، فإن موجة أصحاب الصيد وتجار الفراء تتقدم للأمام .. وهكذا تعاد الكرة. وقد تلا الصلح مع بريطانيا عام ١٨١٥م، موجه هجرة داخلية عارمة يطلق عليها في التاريخ الأمريكي اسم الهجرة الكبرى (٣).

لقد كان الاستيلاء على الأرض هو الهدف الأول والأخير للمستعمرين الأوربيين في أمريكا الشمالية. وكان إنجاز هذا الهدف مرتبط بشرط آخر، هو إبادة الهنود الحمر، والتخلص منهم بكل الوسائل الممكنة. لذلك أخذت هذه العملية صوراً


(١) حق التضحية بالآخرـ تأليف منير العكش ـ ص٣٣
(٢) الانحياز الأمريكي لإسرائيل - دوافعه التاريخية والاجتماعية والسياسية ص ٤٣
(٣) إمبراطورية الحرية - انطونيو بلتران هرنانديزـ ترجمة احمد توفيق حيدرـ ص١٥٩ - دار الفارابي/ بيروت - ط١ ٢٠٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>