للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الورثة فيفصل أفراد العائلة كل في منطقة، وقد لا يلتقي الأخ بأخيه والأم بأولادها لسنوات طويلة، وقد لا يلتقون أبداً (١).

لقد كتب الكثير عن المعاناة التي قاساها السود في ظل حياة العبودية في الولايات المتحدة، كالإبادة والتعذيب والأعمال الشاقة وتشتيت العائلات، وبيع الأطفال، والاستغلال الجنسي، والعقاب الوحشي، فالجلد بالسوط، والوشم ـ أي إحداث علامة على جسم الرقيق باستخدام الحديد المحمى على النار لإثبات ملكية للشخص الذي يسميه ـ كلها من التجارب التي عاناها السود الإفريقيين في عهد العبودية، والتي يصل بعضها إلى حد القتل إذا حاول الرقيق تعلم القراءة والكتابة على سبيل المثال (٢).

ولكن برغم هذا الظلم والاستعباد، التي تعرض له الأمريكيون السود، فإنهم لم يستسلموا للعبودية، فقد ثبت من التجارب التاريخية انه حيثما وجدت العبودية كانت هناك محاولات للتحرر، وان حب الحرية ليست قاصرة على البيض وحدهم، وكان من الطبيعي أن يثور السود على من استعبدوهم وسرقوا حريتهم. ففي صيف عام ١٨٣١م قامت عصبة من الرقيق بقيادة (نات تيرنر) بذبح ستين شخصاً من البيض، قرب ساوثمبتون في فرجينيا (٣). واستمرت عمليات مقاومة السود للظلم والعبودية على مدى التاريخ الأمريكي، من اجل نيل حقوقهم والظفر بالحرية والمساواة. وهنا يمكن ملاحظة كيف أن إعلان استقلال الولايات المتحدة الصادر في ٤ يونيو عام ١٧٧٦م الذي يعد إرهاصاً لـ (إعلان حقوق الإنسان والمواطن) في فرنسا عام ١٧٨٩م، يعطى مثالاً صارخاً للنفاق عن الحرية بمعناها الأمريكي، حيث ينص الإعلان في سطوره الأولى على ما يلي: "لقد خلق الناس جميعا متساوين ومنحهم الله حقوقاً لا تقبل التنازل عنها، كالحياة والحرية والبحث عن السعادة"، ومع ذلك فقد استمرت عبودية الزنوج مع هذه الحرية قرناً من الزمان وكان لا بد من أن


(١) العبودية الجنوبية والقانون ١٦١٩ـ١٨٦٠"ـ أنيت جوردون ريد ـ جريدة الخليج ٢٧ـ٢ـ٢٠٠٣م عدد ٨٦٨٤
(٢) أمريكا و أزمة ضمير - محمد جلال عناية -ص٥٢
(٣) أمريكا و أزمة ضمير - محمد جلال عناية -ص٥٥

<<  <  ج: ص:  >  >>