السفن في ظروف صحية سيئة إلى جانب التعذيب وسوء المعاملة، مما أودى بحياة عشرات الملايين منهم كما يشير إلى ذلك المؤرخ (وليم دوبوا) في كتابه (القضاء على تجارة العبيد الأفريقيين) الذي نشر عام ١٨٩٦م.
ففي أثناء الرحلة البحرية كانت السفن تتكدس بهؤلاء البؤساء الذين لا ينالون من الطعام والشراب إلا ما يسد الرمق، لذلك كان يموت نصفهم في أثناء هذه الرحلة، ويلقى بجثث الموتى في مياه المحيط. فإذا ما وصل الناجون إلى الشواطئ الأمريكية كان التجار يشترونهم في مزادات للجملة ثم يبيعونهم بعد ذلك في الأسواق الأمريكية. وبعد وصول العبيد إلى المشتري، كان يقوم فوراً بإعداد حظيرة لاستقبالهم ليبدأ تسخيرهم في أعمال الزراعة وغيرها من الأعمال الشاقة، وذلك نظير إمدادهم بما يسد رمقهم من الغذاء والشراب. وكان هؤلاء المساكين محرومون من كل الحقوق، يعاملون من قبل السيد الأبيض كما تعامل الحيوانات ويتعرضون للجلد والتعذيب لأتفه الأسباب، ولا يستطيع أي منهم أن يغادر إقطاعية سيده إلى مكان آخر، وإذا ما بيعت الإقطاعية تبع ما بها من عبيد السيد الجديد. ويقدر بعض العلماء أن نصف سكان القارة الإفريقية قد تعرضوا للاختطاف ليستعبدهم الرجل الأبيض في القارة الجديدة (١).
ولم تقف معاناة السود عند هذا الحد، بل عاملهم أسيادهم الجدد معاملة وحشية عنصرية كشف عن أجزاء منها (توماس دي موريس)، الذي تحدث عن عهد العبودية، الذي امتد في الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من مائتي عام، حين كان الأثرياء البيض يشترون عبيداً لهم من السود يسخرونهم لخدمتهم ولحرث أراضيهم، وعندما يموت صاحب العبيد، يتقاسمهم ورثته بالقرعة، كما يتقاسمون رؤوس قطيع الغنم دون أي اعتبار للعلاقات الأسرية. فحين كان يوزع العبيد علي الورثة لم يكن يفكر الرجل الأبيض بأن يبقي علي أفراد العائلة الواحدة معاً كأن يبقى الزوج والزوجة والأبناء في خدمة رجل واحد، بل كان يوزع أفراد العائلة على مجموعة من
(١) الانحياز الأمريكي لإسرائيل - دوافعه التاريخية والاجتماعية والسياسية ص ٤٧