للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- واحدة من العبيد شنقت نفسها.

- ثلاثة عبيد قفزوا إلى البحر، ولم نستطيع إنقاذهم من الغرق، وقررنا حبس الباقين في العنبر الأسفل للسفينة، وكنا نخصصه لبقرتين معنا وربطنا الأسرى بالحبال (١).

هذه مشاهد يومية حيه لتجارة الرقيق، كما عبر عنها قبطان السفينة وصاحبها، تكشف إلى أية درجة بلغت عنصرية هؤلاء واحتقارهم للرقيق، ومعاملتهم معاملة الحيوانات والمواشي، مما دفع الكاتب الساخر (برناردشو) للقول: "إن هؤلاء يعتبرون قتل الآخرين شجاعة، وتجارة الرقيق فرعاً من فروع التجارة". فالمسألة عندهم لم تخرج عن كونها تجاره ونهب وسرقة أنفس، بعيده كل البعد عن أي معنى أخلاقي إنساني. وقد أوضح نفس هذا المعنى أستاذ جامعي من المؤيدين لنظام الرق اسمه (توماس ديو)، عندما قال: "إن القيمة المالية لرقيق فرجينيا تساوي مائة مليون دولار، أي ما يساوي ثلث ثروة الولاية، وقال ديو: "إن ولاية فرجينيا تصدر كل سنة ستة آلاف رقيق إلى الولايات المتحدة الأخرى، وإن فرجينيا في الواقع ولاية لتربية الرقيق مثل تربية الماشية للولايات الأخرى، وأنها تنتج ما يكفي حاجتها منهم، وتعرض ستة آلاف للبيع". وفي مكان آخر من حديثه قال: "إن الستة آلاف رقيق الذين ترسلهم فرجينيا إلى الجنوب كل عام، هم مصدر ثراء لفرجينيا". وقد حذر ديو من التوقف عن هذه العملية والقضاء على الرق، لأن فرجينيا ستفقد مصدر ثرائها. ويتحدث طبيب قبيل الحرب الأهلية الأمريكية عن زوجين من الرقيق، قد أنجبا لمالكهما رقيقاً باعهم بمبلغ خمسة وعشرين ألف دولار خلال أربعين سنه (٢).

هكذا سيق من سموا بالعبيد إلى مصيرهم التعس رغماً عنهم، ورحلوا إلى بلد لم يختاروه في ظروف لا إنسانية همجية، حيث كان الطريق الملاحي الممتد عبر المحيط الأطلسي، والذي يمتد من سواحل غرب إفريقيا إلى جزر الهند الغربية، هو طريق الآلام الذي تمخره السفن التي تقوم بنقل الرقيق الأسود، حيث كانت أيدي وأرجل الرقيق توثق ويشدون إلى بعضهم البعض بالسلاسل، ويحشرون في مخازن


(١) من نيويورك إلى كابول ـ محمد حسنين هيكل٤٩ـ٥٠
(٢) أمريكا و أزمة ضمير - محمد جلال عناية -ص٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>