للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكنولوجيا، مما يهدد بخلل في ميزان القوى في المنطقة المشمولة بالحماية والرعاية الأمريكيتين، بين الدول العربية وبين إسرائيل. لقد كان المقصود في الدرجة الأولى من حرب عاصفة الصحراء أن تكون درساً لا ينسى للدكتاتوريات الصغيرة لكي تفهم أن ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية يتم برضي الله، ولتذهب العدالة والحقيقة والأخلاق إلى الجحيم. درساً لبلدان العالم الثالث ولكل من تحدثه نفسه بالتمرد على النظام العالمي الجديد، الذي رسمته الولايات المتحدة. درساً لكل من يراوده الأمل أو يتطلع إلى اللحاق بركب الحضارة، واكتساب التكنولوجيا الحديثة المتطورة، والتنمية المستقلة والتقدم.

فبعد تضخيم الإمكانيات العراقية وبعد تحرير الكويت حدد خيار أميركي جديد، الانخراط في أكبر عدد من الصراعات مع قوى عسكرية مثيرة للسخرية والتي تنعت بـ (الدول المارقة). وقد أثبتت أحداث حرب الخليج بأجلى بيان أن النظام العالمي الجديد يعنى الزعامة المنفردة لأمريكا في العالم. بعبارة أخرى فرض الهيمنة الأمريكية المطلقة على مصائر العالم، وقد عبرت عن ذلك بصدق (الوموند ديبلوماتيك) بقولها: "أن انهيار الاتحاد السوفيتي حرم العالم من الحماية ضد نزعة المغامرة الأمريكية (١)، التي كانت تبحث عن حرب جديدة. فقد انتهت الحرب الباردة وحربا الخليج و حرب (كوسوفا) بعد حرب البوسنة والهرسك، فالحروب يجب أن تستمر، ومصانع الأسلحة يجب ألا تتوقف طالما أن كل ذلك يتم علي حساب الآخرين، سواء كانوا الأوربيين أو اليابان، أو حتى الدول العربية النفطية!! ولهذا كانت حربها الجديدة ضد ما يسمى بالإرهاب، والتي بدأتها بأفغانستان والعراق، ووضعت على قائمتها أكثر من ستون دولة، حيث لم تكن أحداث ١١ سبتمبر سوى ذريعة لها، ولم تكن تستدعى كل هذا الحشد الهائل من القوة العسكرية التي لم يسبق لها مثيل لضرب أفغانستان ذلك البلد الفقير والممزق، والذي عانى اشد المعاناة من الحروب، التي كانت تحركها أمريكا.


(١) الأصولية المسيحية في نصف الكرة الغربي - جورجى كنعان ـ ص١٨١ـ١٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>