للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيادة السكان لأي فرد أكثر من متر مربع واحد في الكون. أما اليوم فقد اختلف الأمر تماماً، وانقلبت الآية، وظهر "قانون اللوغاريتمات" للإبادة، والذي سمح بالتنبؤ باليوم الذي سيكون في مجال النظر للرجل الأخير في العالم، قلب جاره، وسيتمكن من إطلاق الرصاص القاتل عليه. من هذا المنظور العلمي أصبحت "المستقبلية" الإيجابية للمسدساتية ملكة العلوم، وتمتاز بالشدة والصرامة والدقة، كالفيزياء أو علم الصوتيات اللغوية.

"مؤسسة راند" ومنافسوها، ممن يمتازون بخبرة كبيرة في "نظريية الألعاب" الإستراتيجية، يلعبون دورهم الرائد كمستشارين وأنبياء لدى كبار مديري صناعة الموت. لقد توصل أحد باحثينا ـ وربما يكون أحد أعظم عباقرة قرننا هذا، لما يمتاز به من بعد نظر ـ إلى اقتراح جديد يغير أسلوب العمارة والإنماء، والفن بصفة عامة، لكي يتناغم مع عصر "المسدساتية": شوارع منحنية لتخفيض مرمى التراشق بالرصاص. ومن هنا قامت "الثورة" في عالم الأشكال، والتي نهضت على تلك الضرورة الأساسية. هكذا، بفضل الالتصاق الداخلي للنظام، الذي ميز كل الحضارات الكبرى في ذروتها، بزغت ثقافة مبدعة جديدة، كلاسيكية جديدة ستزدهر وذكرت الحكومة بزهو شرعي وبافتخار بالآفاق، كل مرة يتم فيها تقييم للتوسع، الذي شجعت عليه: معدل نمو أعلى من أي دولة أو بلد آخر، مصحوب بكل نتائجه: عملة قوية، والعمل للجميع، وميزان المدفوعات رائع بكل المقاييس ورابح، والغزو للأسواق الأخرى لا ينتهي من أجل تصدير السلاح، لأن الإشباع الداخلي لمنتجاتنا "المسدساتية" النارية جعلت أسعارنا منافسة للغاية.

قد تضاعف الناتج القومي الصافي للفرد، في عشر سنوات. وتبرز كل المؤشرات صحة وقوة الاقتصاد وتوحده. لقد تم استكمال كل أحلام الاقتصاد والتنمية، ويمكننا بكل عدالة أن نطالب بحقنا في الهيمنة العالمية ليس فقط بفضل ثرائنا وقوتنا، ولكن بفضل حكمتنا (١).


(١) أمريكيا طليعة الانحطاط ـ روجيه جارودى - تقديم كامل زهيري- تعريب عمرو زهيري - ص ٢٤٥ـ ٢٤٩ - دار الشروق- ط٣ ٢٠٠٢

<<  <  ج: ص:  >  >>