للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهد سحيق يعود إلي عام ١٨٢٠ دعماً للتجارة الحرة المطلقة. وقد تمت إعادة صياغة هذا البيان بموجب قوانين كورن عام ١٨٤٦. وهكذا فإن أيديولوجية الرأسمالية الحاليّة القائمة علي المبادئ الداروينية الأنكلوسكسونية لم تتغير وما زال هدفها النهائي هو المال الذي يجر مالاً، ويجب أن يكون كذلك وبأية وسيلة بالحرب أو السلام. فقط هي الوسائل التي تغيرت، فقد كانت في الماضي عبارة عن الاحتلال المباشر للدول، أما اليوم فتتم من خلال مصائد الديون وإخضاع الإرادة والاستقلالية الاقتصادية.

فبعد ان انتهى عصر الاستعمار المباشر وتحرر معظم دول العالم وحصولها على استقلالها، لجأت الدول الاستعمارية إلى اسلوب جديد من الاستعمار من خلال التركيز على نخب معينه في مختلف المجالات لضمان تبعيتها للاستعمار وتنفيد مطالبه واهدافه مقابل منافع خاصه لهذه النخب. فقد تم إيجاد نخبة مختارة في كل بلد ودربت هذه النخبة لخدمة المستعمرين مقابل منافع خاصة بهم. وهكذا وجدت طبقة الواحد بالمئة في هذه المستعمرات وباتت مصالحها ومصالح المستعمر وقوانينه واحدة لا تتجزأ. وفي الوقت نفسه، كانت هذه المصالح، بطبيعة الحال، مختلفة عن مصالح الشعوب. فقد كانت المواد الخام تنتج في المستعمرات وتشحن إلي الدول الغربية حيث تصنع ويعاد شحنها من جديد إلي المستعمرات كمنتجات لتصريفها في أسواقها. أما في النظام الاستعماري الجديد، عندما أصبح النمط القديم من الاستعمار باهظ التكلفة، فقد اعتنق الغرب مبدأ الاستعمار غير المنظور، حيث منحت المستعمرات استقلالها وقام الغرب بتنصيب تلك النخبة التي قاموا بإعدادها وتعيين أفرادها قادة وحكاماً للبلدان المستقلة الجديدة. ومن خلال حرية تحرك رؤوس الأموال والسلع استحوذ المستعمرون الجدد علي القطاعات الصناعية والمالية والشركات الأخري في المستعمرات السابقة، عن طريق الشركات متعددة الجنسيات التابعة لهم (١).

وقد سبق لانجلز ان اعرب في احد كتبه عن اعتقاده أن الليبرالية الداعية إلى التجارة الحرة تعاني من خلل ضمني يتعلق بصميم تكوينها لأنها تقوم على استغلال


(١) امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم- القدس العربي- ٣/ ٢/٢٠٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>