للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبقات العاملة: وهو وضع بات يعبر عن نفسه بالجريمة وسوف يقود سريعاً إلى الثورة (١). فالولايات المتحدة تشكل اليوم النموذج الأبرز للطفيلية الاقتصادية في التاريخ العالمي: فهي تستهلك ٤٠.% من إجمالي موارد العالم الاستهلاكية، في الوقت الذي لا تزيد نسبة سكانها عن ٥ % من سكان العالم. وهي إذ تستولي من البشرية على القسم الأكبر من الموارد، لا تدفع إلا النذر اليسير مقابل ذلك، والأكثر من هذا أنها تخلف وراءها الطبيعة الميتة والأنهار والأجواء المسمومة، فثلث التلوث للبيئة يحدث بسبب الولايات المتحدة. ومن حيث المعايير الاقتصادية فان ما ينتج في الولايات المتحدة ليس أمريكيا في الواقع بل يخص البشرية، التي قامت بتصديره إليها. إن كل أمريكي يستهلك اليوم ثمانية امثال ما يستهلك نظيره في العالم. فهل يعقل إن يصدق أحد إن الفضل في تأمين هذا المستوى الخارق من الاستهلاك يعود فقط إلى الاجتهاد المميز في العمل أو إلى الإنتاجية العالية؟ (٢).

لقد خلص الكثير من المفكرين إلي أن الرأسمالية التي ترتكز علي ثقافة الرغبة، قد فشلت في الوفاء بوعودها، وبدلاً من ذلك فهي لم تجلب لمعتنقيها سوي التعاسة. وكتب (لي آتووتر)، وهو أحد الرموز البارزة في إدارة الرئيس ريغان، في عدد فبراير ١٩٩١ من مجلة (لايف): "لقد ساعدني مرضي علي أن أدرك أن ما كان مفقوداً في المجتمع كان مفقوداً في داخلي أنا أيضاً: قليل من الحب والمودة وقليل من الأخوة. كانت الثمانينيات عقد الاكتساب- اكتساب الثروة والقوة والهيبة، وأعلم أنني اكتسبت من هذه كلها أكثر مما اكتسبه غيري بكثير. ولكن بإمكان المرء أن يكتسب من الثروة والسلطة والهيبة قدر ما يريد، ولكنه سيظل فارغاً خاوياً من الداخل ... لقد تكلفني الأمر هذا المرض العضال القاتل حتي أصل إلي الحقيقة وجهاً لوجه، حقيقة أن هذا البلد، الذي يرزح تحت الطموحات التي لا ترحم والانحلال الأخلاقي، يمكنه أن يتعلم علي حساب تجربتي. لا أعلم من سيقودنا في عقد التسعينيات، ولكن ينبغي عليه أن يتحدث صراحة عن هذا الخواء الروحي في قلب المجتمع الأميركي، إنه ورم


(١) إنجلز .. مقدمة قصيرة جداً- تيريل كارفر- مراجعة/ كامبردج بوك ريفيوز- الجزيرة نت
(٢) لهذا كله ستنقرض أمريكا - الحكومة العالمية الخفية - تأليف الغ بلاتونوف - ترجمة نائله موسى ص ٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>