للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعزل عن هذا الغزو الشامل. وتعمل الولايات المتحدة على استكمال هجومها، فنجد العالم وكأنه امام عدوان لاحضارى امريكى على كل من الشرق واوروبا. يحاول اجتثات كل جذور الحضارات، بفرض هيمنة النموذج الامريكى المتوحش على الحياة البشرية برمتها. ولا يقتصر هذا الخطر على شعوب الجنوب .. بل يطال شعوب اوروبا واليابان ايضاً. وبهدف التعميه على هذه الحقيقة، حقيقة استهداف اوروبا من قبل الخطر الامريكى الصهيونى المتوحش، كانت نظرية هامنتغون (صدام الحضارات) وغيرها من النظريات الأمريكية الصهيونية، التى تتحدث عن حضارة مسيحية يهودية في مواجهة حضارة الإسلام وحضارات الشرق والتصادم معها (١).

وفي تلك الهجمة الدونية المسماه (حضارة امريكية) حلت حرية السوق مكان حرية الانسان، فاصبحت تلك الحرية تعطى لمن يملك كل شئ دون حدود الا حدود ما يملك من القوة والامكانيات المالية. وتسحق من لا يملك إلى اقصى درجة .. تهدف إلى بناء عالم ابعد ما يكون عن القيم والاخلاق الانسانية، عالم متصادم ومتصارع في كل شئ .. لا مكان فيه للعدل والتوازن .. أو التكامل لمواجهة التحديات والاخطار التى تواجه البشرية باستمرار. يتحول فيها الانسان إلى وحدة اقتصادية رشيدة، انتاجية استهلاكية، بعيداً عن اى مضمون اخلاقى أو قيمى انسانى .. لا تشغل نفسها بغير الانتاج والاستهلاك، وتسقط كل المبادئ والقيم الانسانية، فلا قداسه ولا احترام لشئ الا المال والذهب ومن يملكهما (٢) واصبح القتل من أجل المال يقع ضمن قِيَم النظام الذي تطالب الولايات المتحدة العالم بتبنيه. ففي نظام الرأسمالية المعلوماتية يعتبر المال المقياس النهائي للنجاح (٣).

بهذه الخلفية تقتحم الولايات المتحدة الساحة، وهي صاحبة (رسالة خالدة)، وهذا نهجها: الصراع بكل الوسائل، دعاية واعلاماً وحرباً باردة أو ساخنة في سبيل فرض ثقافة، هي الأقوى سلاحاً لا مضموناً، ومن ثم تصبح بحكم الأمر الواقع سيدة الثقافات. وإذا كان الحق هو ما ينفع، والخير هو المصلحة، إذن ما الخطأ في اتباع كل


(١) يؤكد حقيقة استهداف كافة الحضارات من قبل الهجوم الأمريكي الانجلوسكسوني الهمجي على العالم، هو ما كشف عنه هنيجتون في كتابه الجديد الذي عرضنا له سابقاً.
(٢) صهيونية الخزر وصراع الحضارات - وليد محمد على ص٢٢٥
(٣) إمبراطورية الشرالجديدة-عبد الحي زلوم- القدس العربي ٢٧/ ١ - ٣/ ٢/٢٠٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>