للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيلة ممكنة وصولاً إلى هذا الغرض؟ لنصوغ ثقافة هادفة نضع تصميمها ونفرضها بكل الوسائل على البشر. إنها معركة مقدسة من أجل رسالة خالدة هدفها تدجين الإنسان وتحقيق المصلحة (١).

فأميركا مدعوة إلى تمثيل الجمهورية الإلهية الوحيدة، ورأى (بنيامين فرانكلين) أن الولايات المتحدة ستكون مولدة لمجتمع عالمي، حيث المؤسسات والعادات والمبادئ الأميركية جاهزة للتطبيق في كل مكان. ومع هذه الوظيفة الفريدة تلازمت ضرورة التوسع في الأراضي، فأميركا في رأيها أنه ليس لأرضها القومية سوى حدود غامضة متحركة قابلة للتوسع باستمرار اعتماداً على ثنائيتها الأيديولوجية: أنموذجية شبه صوفية غازية من جهة، ومحو البنى السياسية والاجتماعية والثقافية لكل كيان غير أميركي من جهة ثانية (٢). والمجتمع العالمي الذي يقصده فرانكلين هو المجتمع الذي يتبنى قيم ومباديء النظام العالمي الجديد التي هي ذاتها قيم الرأسمالية الانكلوسكسونية التي دمجت بين قوة المال وقوة الإعلام لخلق اقتصاد طفيلي جديد. ولكن هذا الاقتصاد الجديد أصبح عبئاً علي الاقتصاد المنتج. وفي هذا الاقتصاد المنتج القديم يعتبر المال إحدي وسائل الإنتاج لا أكثر، أما في هذا الاقتصاد الطفيلي المعلومالي الجديد فقد بات الغرض الأوحد للمال هو جني المزيد من المال دون دخول حلبة الإنتاج. ولقد حوّل بارونات المال اللصوص في كل أرجاء الدنيا، العالم إلي كازينو وقاموا عبر أموالهم ووسائل إعلامهم بتعيين القوي الحاكمة في الولايات المتحدة لإدارة شؤون هذا الكازينو نيابة عنهم مستخدمين ذراع الولايات المتحدة الطولي لهذا الغرض.

وقد ساهم الانفجار المعاصر في تكنولوجيا الاتصالات الحديثة في تسارع نمو ووحشية الرأسمالية الأنكلوسكسونية، والتي وظفت تقنيات أكثر بشاعة وشيطانية لتحقيق المبادئ القديمة نفسها، التي تتبناها والتي لم تمسها يد التغيير في يوم من الأيام. وقد استخدم بارونات الربا علي الدوام أسرع وسائل الاتصالات التي كانت موجودة في وقتها، من الحمام الزاجل الذي وصلت عائلة روتشيلد من خلاله إلي


(١) العقل الأمريكي يفكر - من الحرية الفردية إلى مسخ الكائنات - شوقي جلال ص٢٢٨
(٢) أميركا التوتاليتارية، الولايات المتحدة والعالم: إلى أين؟ تأليف ميشال بوغنون موردان، ترجمة: خليل أحمد خليل

<<  <  ج: ص:  >  >>