للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفة أخبار معركة واترلو قبل الآخرين، إلي وسائل الكمبيوتر الحديثة. وكان احتكار الإعلام والمعلومات المالية علي الدوام من المتطلبات الضرورية وأحد الأعمدة الرئيسية التي يقوم عليها المجتمع المالي. وقد تمخض هذا المزيج المخيف من قوة المال وقوة الإعلام وقوة التسويق سواء للأشخاص أم للأفكار، عن قدرة هائلة علي غسل الأدمغة لا تقدم للعالم سوي رؤية واحدة فقط لا غير، وهي رؤية قوي الظل التي تسيطر علي العالم عبر واشنطن. لقد قامت قوي الظل هذه بفرض إعادة تشكيل الاقتصادات الإنتاجية للدول ليتوافق مع مخططاتها للهيمنة الاقتصادية وتمت تسمية هذه التغيرات، ظلماً، بأنها إصلاح، وما هي في حقيقتها سوي إعادة تشكيل للاقتصادات بطريقة تمكنهم من السيطرة عليها. ولقد اعتمدوا لذلك وسائل الصدق والكذب سويّاً للوصول إلي هذه الأهداف (١).

إن معنى الكلمات نفسه قد تشوه: فنستمر في إن نطلق كلمة (تقدم) على انحراف أعمى يؤدي إلى تدني الإنسان والطبيعه .. ونطلق كلمة (ديمقراطية) على أشنع قطيعة عرفها التاريخ بين من يملكون ومن لا يملكون .. ونطلق كلمة (حرية) على نظام يسمح - بذريعة التبادل وحرية السوق -لأولئك الأكثر قوة إن يفرضوا الديكتاتورية، عديمة الانسانيه، تلك التي تسمح لهم بابتلاع الضعفاء .. ونطلق كلمة (عولمه) لا على حركة تؤدي إلى وحدة متآلفة الأنغام للعالم، عن طريق اشتراك كل الثقافات، ولكن بالعكس على انقسام يتنامى بين الشمال والجنوب نابع من وحدة امبرياليه وطبقيه .. انقسام يدمر تنوع هذه الحضارات ومنتجاتها لفرض لا ثقافة الراغبين في التحكم في الكوكب (٢).

ولم تكتف أميركا باحتكارها للقوة المسلحة من خلال الحلف الأطلسي وقبعات الأمم المتحدة الزرقاء، وباحتكارها للاقتصاد من خلال المؤسسات الدولية الخاضعة لتقلبات السوق التي تتحكم بها أميركا، إنما احتكرت أيضا وسائل الاتصال الجماهيري. فأميركا تسيطر على هذا القطاع وشهدت ولادة كبرى الوسائل. كما ان الوكالات الأميركية للأنباء قادرة على مراقبة ٩٠% من الإعلام المبثوث. ويسيطر


(١) إمبراطورية الشرالجديدة-عبد الحي زلوم- القدس العربي ٢٩/ ١ - ٣/ ٢/٢٠٠٣
(٢) كيف نصنع المستقبل / روجيه جارودي - د. منى طلبه- ص٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>