والهيئات لهوياتها -بشكل متزايد- نظرة عالمية ترتبط بمصالحها الاقتصادية المنتشرة عبر بقاع العالم.
ثانيا: نفوذ الليبراليين الأميركيين وثقافتهم التعددية، إذ ينتقد هنتنغتون اليسار الليبرالي الأميركي ودعواته المستمرة للتعددية ومراجعة الذات الأميركية والغربية، التي ساعدت على نمو هويات فرعية أميركية عديدة وانتشارها وعلى رأسها هويات الأفارقة الأميركيين واللاتينيين الأميركيين. كما وقف اليسار الأميركي موقفاً ناقداً للثقافة الأنغلو-بروتستانتينية خاصة تجاه الجانب الديني منها، ونادى الليبراليون بشكل متكرر بسيادة قيم العلمانية وفصل الدين عن الدولة وعن الحياة العامة الأميركية، ما أضعف المكون الديني المسيحي للهوية الأميركية.
ثالثا: ينتقد هنتنغتون سياسات الهجرة الأميركية الحديثة التي ساعدت على تدفق ملايين المهاجرين على أميركا منذ الستينيات، دون وضع ضمانات كافية لدمج وصهر موجات الهجرة الجديدة في ظل ثقافة التعددية التي سعى اليسار الليبرالي الأميركي بقوة لنشرها منذ النصف الثاني للقرن العشرين. كما يقدم هنتجتون نقداً مباشراً للهجرات اللاتينية الأميركية والسماح بتدريس اللغة الإسبانية واستخدامها كلغة ثانية رسمية في العديد من المدن والولايات الأميركية. وهنا يظهر قلق هنتنغتون الخاص من المهاجرين اللاتينيين الأميركيين على الهوية الأميركية بعد أن أصبحوا يمثلون ١٢% من تعداد الشعب الأميركي، ونظراً لارتباطهم الوثيق بأوطانهم الأصلية القريبة من الولايات المتحدة. كما يبدي هنتنغتون قلقاً خاصاً تجاه من ينادون بإقرار اللغة الإسبانية لغة ثانية رسمية، ويرى أن ذلك يعد أحد أخطر التهديدات الموجهة للهوية الأميركية، لأنه ينذر بتحول أميركا لبلد ذي هوية لغوية ثنائية إنجليزية-إسبانية.
رابعا: يرى أن سقوط الاتحاد السوفياتي وعدم تبلور عدو جديد للولايات المتحدة أسهم في ضعف التفاف الأميركيين حول هويتهم خاصة في أواخر القرن العشرين. ويرى هنتنغتون أن التغيرات الكبرى السابقة والتحولات العديدة التي شهدها المجتمع الأميركي أدت إلى تراجع مصادر الهوية الأميركية الرئيسية، وهي الإثنية البريطانية والعرق الأبيض والدين المسيحي والثقافة الإنجليزية - البروتستانتينية. إذ ساعدت الهجرات الأوروبية العديدة غير الإنجليزية كالألمان