في هذا الكتاب بدءاً من ابادتة الهنود الحمر واستعباد الزنوج، مروراً بتمير القوة الاسبانية واستباحة أمريكيا اللاتينية والفلبين، وتدمير اوروبا واليابان والتحكم بمقدراتها من خلال حربيين عالميتين، وصولاً إلى الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي وما صحبها من مجازر وابادة بحق الفيتناميين والكوريين، وانتهاءاً بالنظام العالمي الجديد الذى ارادت أمريكا من خلاله الانفراد بالعالم وتحويل شعوبه إلى عبيد تسخرهم لخدمة اطماعها القذرة، ضاربه عرض الحائط بكل المبادئ والقيم الانسانية، وما يحدث في افغانستان والعراق خير مثال على ذلك.
فهذا التاريخ الطويل من الاجرام والابادة الأمريكية التى شملت الكرة الارضية بكاملها، وما صاحبه من تضليل وتزوير للتاريخ بدأ يتكشف الآن وبدأت شعوب العالم تتعرف على الحقائق المؤلمة للجرائم الأمريكية بحقها وبحق الانسانية، وهذا هو العامل الرئيسي الذي يمكن ان يفسر لنا سبب كره شعوب العالم لأمريكا، والذي بدأ يظهر بصورة جليه على الساحة حتى بدأ الأمريكيون انفسهم يشعرون بهذا الكره، فكان سؤالهم الدائم والساذج:"لماذا يكرهوننا"، متناسيين ما جلبته سياسة بلادهم من دمار وخراب على كافة شعوب العالم، التي بدأت تعبر عن كرهها للسياسة الأمريكية، حتى وصل الامر إلى بدايات تمرد من بعض حلفاء أمريكا، وكان اظهر ما يكون في الموقف الاوروبي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص. وقد خاضت كل من فرنسا وألمانيا معركة جادة للتخلص من الهيمنة الأمريكية على القرار الأوروبي، وجعل السياسة الأوروبية نابعة من المصالح الأوروبية ذاتها، كما تجلى ذلك في مواقف الزعيمين الأوروبيين شرودر وشيراك في معارضتهما الحرب الأمريكية على العراق (١).
فلأوّل مرّة في تاريخ الصحافة الأوروبيّة تصبح أمريكا موضوعاً يتناوله المحللون والكتّاب بكثير من النقد اللاذع أحياناً والجرئ أحياناً أخرى. وإذا كان نقد أمريكا في السابق حكراً على الكتّاب والمثقفين اليساريين والقوميين .. فإنّ الكتّاب الليبيراليين الذين كانوا إلى وقت قريب معجبين بالحضارة الأمريكية وبالنمط
(١) وجه الرأسمالية الجديد- توفيق المديني- ص ٣٣٧ من منشورات اتحاد الكتاب العرب- دمشق - ٢٠٠٤