للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمريكي في الحياة سخروا أقلامهم لفضح هذا النموذج الذي بات يستهدف الإنسان في كل أبعاده. وفي نظر هؤلاء فإنّ الأمركة هي مشروع إستعماري جديد لا يختلف عن الإستعمار الأوروبي القديم لكن بأساليب جديدة, والعجيب أنّ هذه الآراء تصدر من لدن مفكرين غربيين في الوقت الذي بذلت فيه أمريكا مجهودات جبّارة عقب الحادي عشر من سبتمبر لإستمالة الرأي الغربي إليها حتى شبّه البعض التجيير الأمريكي الإعلامي والسياسي لأحداث الحادي عشر من سبتمبر لصالحها بالهلوكست اليهودي وأسموه الهلوكست الأمريكي. وقد إستطاعت تظاهرات ١٥ فبراير ٢٠٠٣ المنددة بالغارة العسكرية الأمريكية المرتقبة على العراق أن ترخي بظلالها ليس على الخطّ الإعلامي والسياسي لمعظم الصحف الغربية بل أرخت بظلالها على صنّاع القرار في أوروبا الذين أضطرّوا إلى عقد قمّة طارئة الإثنين ١٧ فبراير ٢٠٠٣ في العاصمة البلجيكية بروكسل والتي تناولت موضوع العراق والغارة الأمريكية المرتقبة عليه في ضوء يقظة الشارع الأوروبي المعادي للحرب الأمريكية، وقد أجمع القادة الأوروبيون على ضرورة أن تكون جمعية الأمم المتحدة هي مركز النظام العالمي وليس أمريكا (١).

فبعد تأسيس الاتحاد الاوروبي وظهور تحالف قوى بين فرنسا والمانيا، فإننا نجد أن أوروبا لم تعد الحليف المؤكد والدائم للولايات المتحدة الأمريكيه (٢). وهنا يجب ان نوضح ان مناوأة أميركا في أوروبا وفي فرنسا لا سيما منذ الحرب العالمية الثانية، تأتي بسبب بعض سلوكيات سياسة أميركا وبعض جوانب نظامها التي تلقي بثقلها في الإدراك الأوروبي للولايات المتحدة (٣). والحال هذه، وفي ظل تباعد وجهتي النظر بين أوروبا وأمريكا فيما يتعلق بالفلسفة لكل واحدة منها إلى العالم، والقيم، والمصالح في آن واحد، نجدهما الآن تنتهجان سلوكا اجتماعيا وسياسيا مغايرا ومتعارضا إلى حد كبير (٤). وقد لاحظ المعلق الفرنسي (دومينك مويزى): ان نزعة


(١) الغارة الأمريكيّة الكبرى على العالم الإسلامي.- يحي أبوزكريا - http://www.alkader.net/juni/abuzakrya_gara_٠٧٠٦٢٢.htm
(٢) أمريكيا طليعة الإنحطاط- روجيه جارودى-ص٣٥
(٣) الكل أميركيون؟ .. العالم بعد ١١ سبتمبر ٢٠٠١ - جون ماري كولمباني- كامبردج بوك ريفيوز
(٤) وجه الرأسمالية الجديد- دراسة - توفيق المديني- ص ٣٣٩ من منشورات اتحاد الكتاب العرب- دمشق - ٢٠٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>