للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاداة أمريكا كانت في سبعينات القرن العشرين رد فعل على ما كانت الولايات المتحدة تفعله، اما اليوم فان النزعة -معاداة أمريكا- رد على واقع أمريكا. كما ان هناك معلقون امريكيون مثل (جون اوسليفان) من مجلة (ناشيونال رفيو) حذروا من ان الاتحاد الاوروبي بدأ ينزلق إلى مواقع معادية للولايات المتحدة. ويرد مارتن وولف على هذا التحذير مؤكداً ان كلاً من الاتحاد الاوروبي، والصين، والهند قد تتحالف لموازنة الولايات المتحدة (١).

فالليبرالية المتطرفة على الطريقة الأمريكية والتي قُدمت كأمر يصعب التغلب عليه تعمل على صدم وتشنج المشاعر الوطنية للدول الآسيوية التي لها قواعد تاريخية متينة وعريقة. وتبدو الصين في طليعة هذا الرفض بالاستسلام ولا ينقصها من أجل ذلك العوامل المتينة من جاهزية اقتصادية واضحة وفخر وطني شرعي قادر على الإنقاذ وإرادة قوية باستعادة الأراضي التي ترى أنها بالواقع قد سلخت منها. لا تخاف الصين أن تسمع صوتها المخالف مزعجة به الأمريكيين وخاصة عندما أدانت الحلف بين اليابان والولايات المتحدة. إن الصين تمثل لأوروبا التي تنازلت منذ زمن بعيد عن حب نفسها مثالاً مشجعاً (٢).

وباعتباره واحد من منظري الفكر المحافظ الأميركي الجديد, يقدم (روبرت كيغان) في كتابه (الفردوس والقوة .. أميركا وأوروبا في النظام العالمي الجديد) تنظيراً لأسباب الإنفصال الأميركي-الأوروبي, ويأمل أن تحتل أطروحته في هذا الكتاب الأهمية التي احتلتها أطروحات سابقة شهيرة في مقدمتها صدام الحضارات لهينتغتون ونهاية التاريخ لفوكوياما. وهذا الطموح عند كيغان لا يتأتى من فراغ, فقد تنبأت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن تكون أطروحاته "الحدث" البارز الجديد في عالم الفكر والسياسة. في هذه الأطروحة، يسعى كيغان المتخرج من أروقة وزارة الخارجية الأميركية إلى تحطيم أسطورة الغرب الموحد، وإلى دراسة مواقف الولايات المتحدة وأوروبا الحالية من بعضهما البعض. ويضمن كيغان في هذه الصفحات رأيين


(١) الدولة المارقة - الدفع الاحادي في السياسة الخارجية الأمريكية - كلايد برستوفتز - تعريب فاضل جتكر -ص٢٩٩
(٢) أمريكا المستبدة الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم «العولمة» - ميشيل بيغنون -ترجمة: الدكتور حامد فرزات ص ٢٠٥ - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - ٢٠٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>