للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنها، وفي جميع الأحوال، يجب أن لا تتوهم بأن قوانين قريتها الناعمة يمكن أن تنطبق على بقية العالم (١).

وبغض النظر عن الاسباب الحقيقية لبداية الانفصال الاوروبي عن أمريكا، سواء كان ذلك بسبب سياساتها ام كان نتيجة تفاوت في القدرات كما حاول كيغان تفسيره، فإن النتيجه هي ان هذا الانفصال موجود وبدأ يظهر على السطح بقوة. فحلفاء أمريكيا (أوروبا واليابان) مترددون ومحرجون أكثر فأكثر. ففرنسا تنتهج موقفاً استقلالياً، أما ألمانيا المستاءة فجاء موقفها مفاجئاً، أما بريطانيا فهي على عادتها وفية للخط الأميركي. بينما يعبر الصمت الياباني عن انزعاج أكثر مما يعبر عن انخراط في سياسة أميركا (٢). ولهذا فإن وضع سياسة مشتركة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً هي الوحيدة الكفيلة بأن تسمح لأوروبا بالوجود, وبالتالي الدفاع عن مصالحها وقيمها (٣). كما أن وعي أوروبا واليابان بقوة إمكانياتهما وعودة روسيا إلى التوازن العالمي سيقود في المدى المتوسط إلى انهيار الزعامة الأميركية (٤). وربما كان هذا هو الذي دفع المفوضية الاوربية للشؤون الاجتماعية آنا ديامانتوبولو للقول: ان اوروبا هى الامل الوحيد للوصول إلى نظام عالمى يتسم بالانسانية ولمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية "المتمسكة بنهج اصولية بروتستانتية وبمبدأ وحيد يتمثل بالحرص على مصالحها من دون سواها" (٥).

ففرنسا وكل أوروبا لهما ما يمكنهما من تولي مثل هذه المهمات شريطة أن تعتبر ذلك (استراتيجية مستقبل) بدل تقهقر نحو أوطان إمبراطوريات القرن الـ ١٩. فهناك تناقضات مهمة جداً. بين قيم وأهداف ووسائل الإمبراطورية العالمية وقيم وأهداف ووسائل الجمهوريات الأوروبية. أن المواطنين الأوروبيين يصبون لمبتغى يختلف عن مبتغى الإمبراطورية الليبرالية-الجديدة الأمريكية. فالنظرة الأوروبية لـ (الأخر) بنيت على أساس معارضة سياسية، وبالتي فهي تختلف أساساً عن النظرة


(١) الفردوس والقوة .. أميركا وأوروبا في النظام العالمي الجديد- روبرت كيغان- عرض/ كامبردج بوك ريفيوز
(٢) بعد الإمبراطورية: محاولة حول تفكك النظام الأميركي- المؤلف: إمانيول طود - كامبردج بوك ريفيوز
(٣) الكل أميركيون؟ .. العالم بعد ١١ سبتمبر ٢٠٠١ - جون ماري كولمباني- كامبردج بوك ريفيوز
(٤) بعد الإمبراطورية: محاولة حول تفكك النظام الأميركي- المؤلف: إمانيول طود - كامبردج بوك ريفيوز
(٥) جريدة الخليج عدد ٨٦٧٤ - ١٧/ ٢/٢٠٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>