للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمريكية لـ (الأخر) المبنية على أساس "الإقصاء". ومع بوش تم إعادة بناء صورة العالم الخارجي بطريقة لا تكون فيها هذه الصورة إلا في شكل حرب عالمية تضع العالم تحت تهديد الموت، إمبراطورية الفوضى تعني مذبحة الضعفاء، العنصرية ثقافة الإمبراطورية، غياب مشروع سياسي-اقتصادي للولايات المتحدة يأتي من إستراتيجيتها الإمبراطورية، الشوق إلى الحرب الباردة، نهاية الأمم المتحدة، لا حق للأضعف (١). وقد أبدع الأمريكيون تعبيرات وأوصافا يسلطونها على الأوروبيين، توضح التباين بين القيم والاهداف الأمريكية والاوربية حيث كتب المؤرخ البريطاني (تيموتي غارتون آش) يَصِف فيه هذه الكلمات والتعبيرات التي نحتها الأمريكيون للسخرية من الأوروبيين بقوله: "إذا كان المعادون لأمريكا، في أوروبا، يرون الأمريكيين كرعاة البقر أو كوحوش غليظة، فإن المعادين لأوروبا في أمريكا يرون الأوروبيين مثل مخنثات أو خالات. الأمريكي ذكَرٌ فحلٌ ومشْتَهٍ للغير، والأوروبي أنثى عاجزة جنسياً".

صحيح أن هذه التعبيرات تظل حماقات لا معنى كبير لها، لولا أن لها نتائج جدية على العالم الواقعي، كما بيّن ذلك موقف ولغة دونالد رامسفيلد" (٢). وكثير من اتباع اليمين المحافظ المتطرف.

ولئن كانت الحرب الكونية الثانيّة عونا لأمريكا في ضمّ أوروبا إليها, فإنّ الظروف الآن تغيرت بشكل قد يؤدّي إلى حدوث طلاق كامل بين أوروبا وأمريكا حيث بدأت أوروبا ترفع صوتها عاليا منددة بمحاولات السيطرة الأمريكية في المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية, و مشروع أوروبا الموحدة يحمل في طياته إرادة الإنفصال عن أمريكا التي تفردت بصناعة كافة القرارات العالمية, وإذا إستطاعت أوروبا أن تؤطّر نفسها فسوف تفقد أمريكا الكثير من حيويتها في أوروبا, كما أن التنافس الإقتصادي بين اليابان وأمريكا مرشّح أن يتحوّل إلى صراع سياسي لأنّ القوة الإقتصادية اليابانية المتدفقة تملي عليها إستغلال العامل الإقتصادي للتأثير على السياسة العالمية, وللتذكير فقط فإنّ العلاقة بين أمريكا وأوروبا كانت في بداية المطاف إقتصادية ثمّ تحولّت إلى نفوذ سياسي وعسكري.


(١) إمبراطورية الفوضى: الجمهوريات في مواجهة السيطرة الأمريكية فيما بعد الحرب الباردة -ألان جوكس- ط١ ٢٠٠٢ - الناشر: لا ديكوفارت - باريس كامبردج بوك ريفيوز - الجزيرة نت
(٢) القومية الأمريكية الجديدة - تأليف: اناتول لييفين - عرض: بشير البكر-جريدة الخليج ٢٣ - ٦ - ٢٠٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>