للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن مواجهة وحش الأمركة يحتم علينا ايضاً التبصر بإحتمال قيام قطب مواجه لأميركا وتبين ملامح هذا القطب المستقبلي. حيث يجد الدكتور محمد احمد النابلسي أن الصين هي المرشح الوحيد لهذا الدور .. ويتوقف أمام إحتمالات بروز الصين وعلاقته بالأزمات الأميركية المعلنة والمتسربة. حيث خطورة هذه الأزمات تبلغ حدود حديث النابلسي عن قدوم زمن الفوضى الأميركي. وملامحه أزمة إقتصادية عارمة (فضائح إفلاس الشركات) وميليشيات نازية (أوكلاهوما ١٩٩٥) وشغب عنصري (سينسيناتي ٢٠٠١) وأقليات مضطهدة وحريات مقلصة ومنتهكة (وزارة بوش للمخابرات) ومخالفات اجرامية بحق القانون الدولي (رفض توقيع اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية) ومؤسساته (مخالفة مجلس الأمن في قرار حرب العراق) كما بحق الإنسان (١).

فالولايات المتحدة لم تتمكن لحدّ الآن التغلغل إلى العمق الصيني ومازالت الصين حذرة من النشاط السياسي والإقتصادي والعسكري الأمريكي في القارة الآسيوية. والعالم الإسلامي من جهته تجلى له بوضوح أنّ أمريكا تستهدف إمتصاص خيراته و صياغته من جديد. وما زال هذا العالم يتكبّد الآثار السلبية للتوجهات الأمريكية البراغماتية القائمة على إفراغ العالم الإسلامي من المقومات النهضوية الفكرية والمادية (٢). واذا اضفنا إلى هذه الموقف مواقف روسيا وبعض دول أمريكيا اللاتينية وافريقيا واسيا، وحركات التحرر العالمية في العالم، فاننا على يقين بأن كل ذلك سيكون كفيلاً في محاصرة السياسة الأمريكية المتمرده على الجميع.

وفي صحيفة الفايننشيال تايمز كتب (جيريمي جرانت) يقول: "إن تقريرا صدر مؤخرا في الولايات المتحدة انتهى إلى أن الظروف الحالية في هذا البلد تماثل إلى حد كبير ما كان عليه الحال في روما القديمة قبل انهيارها". وقالت الصحيفة إن التقرير الذي وضعه المراجع العام (دفيد وولكر) وجد أن التشابه يتضمن "تراجع القيم الأخلاقية والنشاط السياسي داخل الوطن، والثقة المفرطة في النفس، والمبالغة في إرسال القوات العسكرية إلى الخارج، وعدم شعور الحكومة المركزية بالمسؤولية في


(١) في مواجهة الأمركة - محمد احمد النابلسي - دار الفكر - دمشق ٢٠٠٤
(٢) الغارة الأمريكيّة الكبرى على العالم الإسلامي.- يحي أبوزكريا - http://www.alkader.net/juni/abuzakrya_gara_٠٧٠٦٢٢.htm

<<  <  ج: ص:  >  >>