للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: عن أبي هريرة، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: خرج رجل، يعني من المسجد، بعد ما أذن المؤذن فقال: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -" الحديث، ففي هذا الحديث كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي المكتوبة إلا لعذر من انتقاض طهارة أو فوات رفقة أو صلاة في غيره (١)، والحديث يقتضي تحريم الخروج بعد الأذان وقبل الصلاة لكنه متروك الظاهر لوجهين، أحدهما: أن ذلك محمول على من خرج على نية ترك الصلاة مع الجماعة لأن الجماعة فرض عين أو كفاية أو سنة لا يعذر تاركها، ومن عزم على ترك فرض الكفاية أو العين أثم للوجه الثاني إذ المعصية قد تطلق ويراد بها الكراهة مجازًا لما بينهما من مطلق المخالفة للنهي كما ذكر بعض الأصوليين، وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصاني" (٢) مع أن ترك الرمي ونسيانه مكروه أو أنه محمول إما على نية ترك الجهاد كما قد فسره قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات وفي قلبه شعبة من النفاق" (٣) وإما محمول على نية ترك فرض العين، ويحتمل وجه ثالث وهو أن الرجل الذي خرج كان منافقا معلوم النفاق لأبي هريرة، وإلا فالخروج من المسجد تقدم أنه غير


(١) شرح أبي داود (٢/ ٥٠٤) للعيني.
(٢) أخرجه مسلم (١٦٩ - ١٩١٩) عن عقبة بن عامر.
(٣) أخرجه مسلم (١٥٨ - ١٩١٠)، وأبو داود (٢٥٠٢)، والنسائي في المجتبى ٥/ ٣٤٦ (٣١٢٠) والكبرى (٤٤٩٩) عن أبي هريرة.