للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مفعل من الفحص وجمعه مفاحص وهو موضعها الذي يجثم فيه وتبيض كأنها مفحص عنه التراب أي تكشفه والفحص الطلب والبحث والكشف وفحص رجليه ضرب بهما وتصير في موضع مطمئن مستو (١)، وخص القطاة بهذا لأن كل طير يجعل عشه ووكره في أعلى شجرة أو قمة جبل بخلاف القطاة فإنها لا تبيض في شجرة ولا على رأس جبل وإنما تجعل مجثمها على بسيط الأرض دون سائر الطير فلذلك شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - به المسجد ولأنها توصف بالصدق فكأنه أشار بذلك إلى الإخلاص في بنائه، كما قال سيدي الشيخ أبو الحسن الشاذلي: خالص العبودية الاندماج في طي الأحكام من غير شهوة ولا إرادة وهذا شأن هذا الطائر وقيل إنما شبه بذلك لأن أفحوصها يشبه محراب المسجد في استدارته وتكوينه (٢).

ومقدار مفحص القطاة لبيضها لا يمكن أن يتخذ مسجدا وإنما ذكره - صلى الله عليه وسلم - على سبيل المبالغة في الكلام (٣) وأن الشارع - صلى الله عليه وسلم - يضرب المثل في الشيء بما لا يكاد يقع كقوله - صلى الله عليه وسلم - "اسمعوا وأطيعوا ولو كان عبدا حبشيا" وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "الأئمة من قريش" وقيل للوالي طاعة من ولاه الإمام عليكم ولو كان عبدا حبشيا (٤).


(١) غريب الحديث (٣/ ١٣٢)، والمجموع المغيث (٢/ ٥٩٨)، والنهاية (٢/ ٤١٥).
(٢) حياة الحيوان (٢/ ٣٤٧ - ٣٤٨).
(٣) الميسر (٢/ ٤٤٤)، وشرح المشكاة (٥/ ١٥٤٤).
(٤) معالم السنن (٤/ ٣٠٠)، وعارضة الأحوذي (١/ ١٥١)، وحياة الحيوان (٢/ ٣٤٨).