قال: قال العُلماء: العُلماء ومما تصان عنه المساجد وتنزه عنه الروائح الكريهة والأقوال السيئة وغير ذلك، وإذا كانت العلة في إخراج المسلم من المسجد أنه يتأذى به ففي القياس أن كلّ من تأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب اللسان سفيها عليهم، أو كان ذا رائحة قبيحة لا تريمه لسوء صناعته، أو عاهة مؤذية كالجذام وشبهه، وكل ما يتأذى به الناس كان لهم إخراجه ما كانت العلة موجودة فيه حتى تزول. وكذلك يجتنب مجتمع الناس حيث كان لصلاة أو غيرها كمجالس العلم والولائم وما أشبهها، من أكل الثوم وما في معناه، مما له رائحة كريهة تؤذي الناس. ولذلك جمع بين البصل والثوم والكراث، وأخبر أن ذلك مما يتأذى به، قال أبو عمر بن عبد البر: وقد شاهدت شيخنا أبا عمر أحمد بن عبد الملك بن هشام رحمه الله أفتى في رجل شكاه جيرانه واتفقوا عليه أنه يؤذيهم في المسجد بلسانه ويده فشوور فيه، فأفتى بإخراجه من المسجد وإبعاده عنه، وألا يشاهد معهم الصلاة، إذ لا سبيل مع جنونه واستطالته إلى السلامة منه، فذاكرته يومًا أمره وطالبته بالدليل فيما أفتى به من ذلك وراجعته فيه القول، فاستدل بحديث الثوم، وقال: هو عندي أكثر أذى من أكل الثوم، وصاحبه يمنع من شهود الجماعة في المسجد، قلت: وفي الآثار المرسلة إن الرجل ليكذب الكذبة فيتباعد الملك من نتن ريحه، فعلى هذا يخرج من عرف منه الكذب والتقول بالباطل فإن ذلك يؤذي والله أعلم (١).