للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصواب أن المراد النافلة وجميع أحاديث الباب تقتضيه ولا يجوز حمله على الفريضة، وإنما يحمل على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد عن الرياء وأصون من المحبطات وليتبرك البيت به ويترك فيه الرحمة والملائكة وتنفر منه الشياطين كما جاء في الحديث الآخر وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - في الرواية الأخرى "فإن الله جاعل من صلاته في بيته خيرًا" (١)، وبالغ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فرأى أن سنة المغرب لا يجزئ فعلها في المسجد حكاه عبد الله بن الإمام أحمد في المسند عقب حديث محمود بن لبيد فقال: قلت لأبي إن رجلا قال: من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد لم تجزئه إلا أن يصليهما في بيته لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هذه من صلاة البيوت" قال: من هذا قلت محمد بن عبد الرحمن قال: ما أحسن ما قال أو قال ما أحسن ما نقل (٢) والله أعلم.

واتفق العلماء على أفضلية فعل النوافل المطلقة في البيت، واختلفوا في الرواتب فقال الجمهور: الأفضل فعلها في البيت أيضًا وسواء في راتبة الليل والنهار، قال النووي: ولا خلاف عندنا، وقال جماعة من السلف: الاختيار فعلها في المسجد كلها، وقال مالك والثوري: الأفضل فعل نوافل النهار الراتبة في المسجد وراتبة الليل في البيت، ودليل الجمهور قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" (٣)، ويستثنى من ذلك فعل من يقتدى به فإن


(١) شرح النووي على مسلم (٦/ ٦٧ - ٦٨).
(٢) أحمد في المسند ٥/ ٤٢٠ (٢٣٩٦٧).
(٣) طرح التثريب (٣/ ٣٦).