للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فوضعه بين يدي سعيد فقال سعيد: إن كنت جمعت هذا لتفتدي به من فزع يوم القيامة فصالح وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت ولا خير في شيء جمع للدنيا إلا ما طاب وزكا، ثم دعا الحجاج بآلات اللهو فبكى سعيد، فقال الحجاج: ويلك يا سعيد أي قتلة تريد أن أقتلك؟ قال: اختر لنفسك يا حجاج فوالله لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة، قال: فتريد أن أعفو عنك؟ قال: إن كان العفو فمن الله وأما أنت فلا، قال: اذهبوا به فاقتلوه فلما خرج من الباب ضحك، فأخبر الحجاج بذلك فقال: ما أضحكك؟ قال: عجبت من جرأتك على الله تعالى وحلم الله عليك، فأمر بالنطع فبسط وقال: اقتلوه، فقال سعيد: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، قال: وجهوه لغير القبلة، قال سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله، قال: كبوه على وجهه، فقال سعيد: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى، فقال الحجاج: اذبحوه، فقال سعيد: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، ثم قال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي، فذبح على النطع رحمه الله، وكان رأسه يقول بعد قطعه: لا إله إلا الله، وكان سعيد بن جبير كثير البكاء خوفا من الله تعالى يردد هذه الآية: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} (١)، قال ميمون بن مهران: مات سعيد بن جبير وما


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٨١.