للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكدورة قلوبكم بحيث يسري على ظاهركم فتقع بينكم عداوة (١)، وهو المراد بقوله: "أو ليخالفن الله بين قلوبكم" ويحتمل أن يخالف بتغير صورها أنواعا أخر قاله عياض (٢)، وقيل: يغير صفتها، قال النووي: والأظهر والله أعلم أن معناه: يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب كما يقال تغير وجه فلان عليّ أي ظهر لي من وجهه كراهية لي، وتغير قلبه عليّ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن (٣) والله أعلم.

ويؤخذ من الحديث أن تسوية الصفوف سبب لحصول الائتلاف والمودة والتواصل وزوال الوحشة الذي هو سبب السعادة الدنيوية والأخروية، وقد امتن الله تعالى على نبيه -صلى الله عليه وسلم- بتأليف قلوب أصحابه رضي الله تعالى عنهم فقال تعالى: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} (٤) الآية.

تنبيه: قال الكرماني (٥): أقول يحتمل أن يكون معنى مخالفة الوجوه تحولها إلى أدبارها، فإن قلت التسوية سنة والوعيد على تركها يدل على أنها واجبة؟ قلت: هذا الوعيد من باب التغليظ والتشديد تأكيدًا وتحريضًا على


(١) المفاتيح (٢/ ٢٢٣).
(٢) مشارق الأنوار (١/ ٢٣٨).
(٣) شرح النووي على مسلم (٤/ ١٥٧).
(٤) سورة الأنفال الآية ٦٣.
(٥) الكواكب الدراري (٥/ ٩٣).