ومن قال بأن جاهه زال بموته فلا يقال يا جاه محمد يا جاه رسول الله فهو من أعظم الزنادقة وجاحد للربوبية فإن جاهه هو لله عز وجل فكأن هذا القائل يقول: لا تقولوا يا الله وهذا كفر محقق ومخالف لما عليه عمل هذه الأمة في جميع الزمان في سائر البلدان وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}(١) قال علي - رضي الله عنه -: قدم علينا أعرابي بعد ما فارقنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاثة أيام فرمى نفسه على قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحثى على رأسه من ترابه قال: قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله عز وجل فوعينا عنك وكان فيما أنزل عليك {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وقد ظلمت وقد جئتك لتستغفر لي فنودي من القبر قد غفر لك، وهذه غير قضية العتبي، وأما قضية العتبي فهي مشهور في غاية الشهرة، وكنية العتبي أبو عبد الرحمن واسمه محمد عبد الله بن عمرو بن معاوية بن عمر بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب وكان من أفصح الناس وصاحب أخبار وصاحب رواية الآداب وحدث عن أبيه وسفيان بن عيينة، توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين وذكر قضيته ابن عساكر في تاريخه، وذكر ابن الجوزي في كتابه (مثير العزم الساكن إلى أشرف المساكن) وغيرهما بالأسانيد قال: دخلت المدينة فأتيت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فزرته وجلست بحذائه فجاء أعرابي فزاره ثم قال يا خير