للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي حنيفة في مسجده العشاء ثم قام فافتتح الصلاة فقرأ حتى بلغ هذه الآية {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} فلم يزل يكررها ويبكي حتى أذن المؤذن لصلاة الصبح؛ وقال علي بن عاصم: لو وزن عقل أبي حنيفة بنصف عقل أهل الأرض لرجح بهم، وقال رجل لأبي حنيفة: اتق الله! فانتفض أبو حنيفة انتفاضة رجت كيانه صُرِع واصفر لونه وطأطأ رأسه، وقال: يا أخي، نعم جزاك الله خيرًا بها كذا قل لي، ما أحوج الناس من يقول لهم مثل هذا كل وقت؛ وكان أبو حنيفة إذا سئل عن مسألة يقول: رب سلم رب سلم، وكان يقول لولا الخوف من الله ما أفتيت، وأخوف ما أخاف من الفتوى وكان كثيرًا ما يتمثل بهذا البيت:

كَفَى حَزَنًا أَنْ لا حَيَاةَ هَنِيَّةٍ ... وَلا عَمَلٌ يَرْضَى بِهِ اللهُ صَالِحٌ (١)

وقال عباد بن التمار (٢): رأيت أبا حنيفة في المنام فقلت: يا أبا حنيفة، إلى ماذا صرت؟ قال: إلى سعة رحمة الله تعالى، قال: قلت: بالعلم، قال: هيهات، للعلم شروط وآفات، وقل من ينجوا منها، قلت: فبم؟ قال: بقول الناس فِيَّ مَا لَمْ أَكُنْ عَلَيْهِ، وقيل: إن أبا حنيفة رأى رب العزة جل جلاله في المنام تسعة وتسعين مرة، قال: فقلت في نفسي: إن رأيته تمام المائة لأسئلنَّه:


(١) ذكره سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (١٢/ ٢١٥). وكذلك ذكره الصيمري في أخبار أبي حنيفة ص ٣٦.
(٢) جامع بيان العلم وفضله (١/ ٧٠٥ رقم ١٢٦٧) لابن عبد البر، ومناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه (ص ٥٢) وفيهما عباد التمار.