للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتكفأ فأرساها بالجبال فاستقرت" الميد الميل.

قوله: (جعلت تميد فأرساها بالجبال) الميد الميل يقال: ماد يميد (١)، إذا مال وتحرك، ومنه حديث ابن عباس "فدحا الله الأرض من تحتها فمادت".

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قالوا" يعني الملائكة "يا ربنا فهل خلقت خلقا أشد من الريح قال ابن ءادم إذا تصدق بصدقة بيمينه فأخفاها من شماله" الحديث وليس المراد شدة يديه وإنما المراد قوة قلبه وثباته على امتثال الأوامر واجتناب النواهي ولا يتمكن الإنسان من نيل مكرمة ولا دفع كريهة إلا بالشجاعة المعبر عنها بقوة القلب فلهذا كان المتصدق سرًا أقوى المخلوقات وأشدها لهذا الحديث ذكره ابن النحاس في تنبيهه والله أعلم، فعلمنا بهذا الحديث أن من قدر على إخفاء الصدقة فهو أشد المخلوقات (٢).

قوله: "فأرساها بالجبال" أي ضرب بالجبال على الأرض فاستقرت فذكر الحديث إلى أن قال "ابن ءادم إذا تصدق بصدقة فأخفاها" يعني لمخالفة النفس وقهر الشيطان (٣).

اعلم أن الصدقة الموصوفة إنما كانت أشد من الريح وهو أشد مما قبله لأن صدقة السر تطفيء غضب الرب وغضب الرب تعالى لا يقابله شيء في


(١) النهاية (٤/ ٣٧٩).
(٢) ذكره ابن النحاس في مصارع العشاق (ص ٩٥٧).
(٣) المفاتيح (٢/ ٥٤٦)، وشرح المشكاة (٥/ ١٥٥٩).