للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العربي (١)، وقد كنت أستحسنه إلى أن فكَّرت في حديث المُقاصَّة الذي في صحيح مسلم فوجدت فيه ذكر الصوم من جملة الأعمال المذكورة للأخذ منها فإنه قال: "أتدرون من المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "المفلس هو الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصدقة وصيام ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" (٢) وهذا يدل على أن الصوم يؤخذ كسائر الأعمال (٣)؛ وسادسها: أن الأعمال كلها ظاهرة للملائكة فتكتبها إلا الصوم فإنما هو نية وإمساك فالله يعلمه ويتولى جزاؤه قاله أبو عبيد، وسابعها: أن الأعمال قد كشفت لبني آدم مقادير ثوابها وتضعيفها إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير ويشهد لهذا سياق الراوية الأخرى التي فيها "كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف" قال الله تعالى "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" يعني والله أعلم أنه يجازي عليه جزاء كثيرا من غير أن يعين مقداره ولا تضعيفه وهذا كما قال الله تعالى:


(١) ينظر المفهم (١٠/ ٢)، وشرح الالمام (٣/ ١٦١).
(٢) أخرجه مسلم (٥٩ - ٢٥٨١)، والترمذي (٢٤١٨) عن أبي هريرة.
(٣) قال الحافظ ابن حجر ردًا على القرطبي: قلت: يمكن تخصيص الصيام من ذلك، ويستدل له بما رواه الإمام أحمد من طريق حماد بن سلمة، عن أبي هريرة رفعه: كل العمل كفارة إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به انظر: فتح الباري (٦/ ١٠٩).